برغماثية ملك ودبلوماسية ثعالب

تم النشر بتاريخ 19 يوليو 2023 على الساعة 15:31

عبد الأحد دحماني: كاتب رأي

لا حديث اليوم وسط صناع القرار العالمي الا عن الاعتراف الاسرائيلي بمغربية الصحراء والذي جاء تتويجا لعامين من عودة العلاقات المغربية الإسرائيلية عن طريق ما سمي بالاتفاق الثلاثي (الأمريكي _الاسرائيلي_المغربي )الذي كان واضحا منذ بداياته وبزوغه أن المؤسسة الملكية أرادت ان تُصبغه بألوان تامغرابيت فأبعدته عن الاتفاقيات الابراهمية رغم أن عيال زايد حاولوا بكل الطرق والوسائل أن يجعلوا الإمارات وسيطا بين المغرب وإسرائيل ،غير أن بلاغ الديوان الملكي كان واضعا للنقاط على الحروف ،حيث إعتبر أن السبب الأول لعودة العلاقات المغربية الإسرائيلية هو ربط جسر الود للمغرب مع أبنائه اليهود الذين شبههم الراحل الحسن الثاني بالجواهر التي نفقدها لنربح بها سفراء لنا.

الظاهر أن الدبلوماسيةالمغربية درست جيدا العقل الجمعي الاسرائيلي وكانت أول بوادر نجاح المغرب في الاستفادة من التقارب المغربي الاسرائيلي تجاوز العلاقات الدبلوماسية الهشة الى تعزيز التموقع داخل الدولة العميقة والتي يمثل الجيش الاسرائيلي أحد أبرز أركانها،فمعلوم أن إسرائيل تُبدِل حكوماتها كما يبدل المرء تُبانه،لذا كان قرار المغاربة منذ البداية أن يكون التعامل مع الجيش الاسرائيلي ،الحاكم الفعلي لإسرائيل والذي لا يتغير بتغير الحكومات فكانت النتيجة حصول المغرب على تكنولوجيا الدرونات و منظومات هجومية تعتبر من الأكثر تطورا في العالم .

كل هذا لم يكن سهلا خاصة وأن” الاشكناز” كانوا ولا يزالون ينظرون بعيون الريبة والشك لهذا التقارب المغربي الاسرائيلي والذي ظهر من خلال تصريح أحد البرلمانيات في الكينست حيث اتهمت اليهود المغاربة بالولاء للمغرب أكثر من إسرائيل،وتجلى ذالك في ما بعد بوضوح من خلال رفض القيادة السياسة الإسرائيلية تعيين سفير ذو أصول مغربية في المغرب .

في عالم السياسة لا مجال للقيم والمبادئ، ولا مجال للشعارات الرنانة ،فالسياسة ليست فقط هي فن الممكن كما قال بيسمارك بل هي كذالك فن البرغماتية ،فإن هبت رياحك فإغتنمها وهذا ما سعى المغرب له جاهدا وهو المحاصر جغرافيا بالجزائر شرقا وموريتانيا جنوبا ، فكان من الحماقة والعبث أن ينتصر المغرب لقضايا الآخرين ويترك قضيته الداخلية يعبث بها العابثون ويتزايد عليها المتزايدون من أمثال جبريل الرجوب وغيره الذي يميلون أينما مالت رياح الأموال…..

لهذا فزلزال الاعتراف الاسرائيلي بمغربية الصحراء فتح نقاشا في اوساط الصالونات السياسية العالمية وخاصة البريطانية والفرنسية فقد سارع عدد من برلماني حزب المحافظين لمطالبة الحكومة الإنجليزية بتسريع الاعتراف بالصحراء الغربية المغربية،أما في فرنسا فأول ردود الأفعال كانت من الأمين العام لحزب الجمهوريين أحد أعرق الأحزاب الفرنسية والذي أكد على أن الاعتراف بمغربية الصحراء أصبح في حكم الضرورة …

ردود الأفعال الأولية تثبت بالملموس أن اعتراف بريطانيا بمغربية الصحراء صارت مسألة وقت و أظنها حُسمت في دوائر القرار البريطانية خاصة وأن ثروات الصحراء وإمكانياتها صارت تسيل لعاب القاصي والداني …..

خلاصة القول والمقال، في منطق العلاقات الدولية أنت بين خيارين إما أن تكون ثعلبا أو أن تكون خروفا، غير أنه لن يكتب لك ان تكون إسماعيلا لتنجو من الذبح…..

بقلم:عبد الأحد الدحماني إعلامي ومهندس أنظمة طاقية وحرارية.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق