ورقة بحثية تخلص إلى حتمية “التعايش مع أزمة الطاقة” وتسريع “الانتقال الأخضر”

تم النشر بتاريخ 31 يناير 2023 على الساعة 5:24

خلص موجز بحثي للسياسات- صدر أواخر يناير عن “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد (PCNS)- إلى رصد خمسة اتجاهات حديثة من المحتمل أن تشكل تحول نظام الطاقة عالمياً خلال العام 2023، مُركزا على “قضايا التكنولوجيا النظيفة التي ستكون مطلوبة لتسريع الانتقال إلى مستقبل أكثر اخضرارا”.

وتحت عنوان “اتجاهات وآفاق أسواق الطاقة عام 2023.. التعايش مع الأزمة الطاقية وضرورة بناء مستقبل أكثر اخضراراً”، قاربت مؤلفة “موجز السياسات” (Policy Brief)، المنشور باللغة الفرنسية في 11 صفحة، مسألة “استمرار التقلبات في أسواق الطاقة منذ بداية جائحة “كوفيد-19″ عاميْ 2019-2020، مع حالة عدم اليقين غير المسبوقة التي لا تزال مستمرة بشأن إمدادات الطاقة العالمية، قبل تطورها خلال 2022 في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، وفي سياق موسوم بضعف المؤشرات الماكرو-اقتصادية وارتفاع التضخم”.

وسجلت الورقة، التي أعدّتها ريم برحاب، كبيرة الباحثين الاقتصاديين في مركز التفكير المذكور، في تمهيدها، وجود اتجاهيْن يتجاذبان هذه التوقعات والآفاق في المجال الطاقي؛ “فبينما رأى البعض أن هذا يمثل خطراً عبر إبطاء الانتقال الطاقي المأمول، يرى البعض الآخر في التحولات العالمية المتسارعة فرصة للابتعاد عن الوقود الأحفوري وتسريع تطوير التقنيات النظيفة”، لاسيما نحو مزيد من الاعتماد على الطاقات المتجددة.

“وسط أسواق الطاقة المتوترة سيشهد استهلاك الطاقة في عامه الثاني على التوالي وتيرة نمو بطيء”، يسجل الموجز البحثي ذاته، قبل أن يعرض معطيات دالة بخصوص توقعات استهلاك الطاقة عالميا في العام الحالي.

وفي هذا الصدد “من المتوقع أن ينمو إجمالي استهلاك الطاقة بنسبة 1.3 في المائة عام 2023 مقارنة بـ2.2 في المائة عام 2022، مما يمثل تباطؤاً للعام الثاني على التوالي بعد انتعاشة عام 2021″، تضيف الباحثة الاقتصادية ذاتها، مستندة إلى معطيات صدرت مطلع العام الجاري عن “وحدة المعلومات الاقتصادية” التابعة لوكالة الطاقة الدولية.

وعزا المصدر عينه هذا التطور إلى “تباطؤ الاقتصاد العالمي منذ عام 2022، وأسعار الطاقة التي لا تزال متقلبة للغاية في ظل انخفاض إمدادات النفط والغاز من روسيا”. وعلى وجه الخصوص، تتوقع وكالة الطاقة الدولية (IEA) أن يتباطأ الطلب العالمي على النفط إلى 1.6 مليون برميل يومياً عام 2023 مقابل 2.1 مليون برميل خلال عام 2022.

“على الرغم من كل هذه الرياح العاتية”، تتابع الباحثة، فإن “عام 2022 عرف تسارعاً ملحوظاً في تحول الطاقة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أزمة الطاقة، مع تسجيل مشاريع تركيب الطاقة المتجددة ومبيعات السيارات الكهربائية في العالم؛ كل هذا وسط بيئة عالمية تتميز بارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية، ونقص المواد الأولية وأشباه الموصلات ومكونات أخرى”.

تصنيع تقنيات الطاقة النظيفة

في سياق متصل، أكدت الوثيقة أنه “مع توقع استمرار أزمة الطاقة، سيكون 2023 عاماً حاسماً لتسريع الانتقال الطاقي العادل”، مشددة على أنه “رغم صعوبة التنبؤ بالمستقبل، فإن توقعات الطاقة لعام 2023 ليست استثناءً لأن العوامل المتعارضة تدخل حيز التنفيذ”. وزادت شارحة “يدخل عالم الطاقة حقبة صناعية جديدة، تصنيع تقنيات الطاقة النظيفة. ومن المتوقع أن ينمو بسرعة حجم وأهمية القطاعات الجديدة الرئيسية، مثل الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح والمَركبات الكهربائية والبطاريات”.

و”إذا كانت هناك مخاطر معينة للطاقة، فإن الجوانب الاقتصادية والجيوسياسية للمشهد الطاقي الحالي تظل تحت السيطرة”، يضيف المصدر نفسه، الذي خلص إلى أنه “نتيجة لذلك تعد أزمة الطاقة العالمية الحالية لحظة محورية لتحولات الطاقة النظيفة في جميع أنحاء العالم، بشكل يمكن أن يشجع على موجة كبيرة من الاستثمار في السنوات القادمة”.

خلاصات وتوصيات

وأكد “موجز السياسات”، في خلاصته، على ضرورة “توجيه سياسات الطاقة”، باعتبار ذلك “أمرا حاسما في تحديد ملامح مستقبل تقنيات الطاقة النظيفة”.

“لم تُكتب بعدُ قصة الاقتصاد الجديد للطاقة الخضراء. وتقع سلاسل التوريد في قلب سردها”، تستنتج الباحثة في شؤون الطاقة والتنمية، موصية بـ”تبني الاستراتيجيات الصناعية لتصنيع تقنيات الطاقة النظيفة نهجاً حكوميا متكاملاً، يضمن التنسيق بشكل وثيق بين متطلبات أمن الطاقة والمناخ مع الفرص الاقتصادية”.

وهذا يشمل، حسب الورقة البحثية، “تحديد المزايا التنافسية الوطنية وتشجيعها، وإجراء تقييمات شاملة لمخاطر سلسلة التوريد، وتقليص أوقات الترخيص، خاصة بالنسبة لمشاريع البنية التحتية الكبرى، وتعبئة الاستثمار والتمويل بالنسبة للعناصر الرئيسية لسلسلة التوريد، وتطوير مهارات القوى العاملة تحسبًا للاحتياجات المستقبلية، وكذا الإسراع بالابتكار في التقنيات المتقدمة”.

وختمت الورقة بالتشديد على أنه “لكل دولة نقطة انطلاق مختلفة ونقاط قوة مختلفة، لذلك ستحتاج كل دولة إلى ابتكار استراتيجيتها الخاصة؛ قبل أن تستدرك “لا يمكن لأي بلد أن يفعل ذلك بمفرده، حتى مع قيام البلدان بتطوير قدراتها المحلية وتعزيز مكانتها في اقتصاد الطاقة العالمي الناشئ، فللتعاون الدولي فوائد كبيرة في الجهود المبذولة لبناء أساس متين لصناعات الغد”.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق