الإعلامي عبد العزيز كوكاس يفتتح قارة ديوان العرب بديوان شعري “رائحة الله

تم النشر بتاريخ 18 أبريل 2023 على الساعة 19:10

لا تفتأ محبرة الكاتب والإعلامي عبد العزيز كوكاس تنضب، حتى يتفاجأ القارئ المغربي والعربي، بفتحه لقارات جديدة للاشتغال، قادما من عالم الصحافة والمقالات التحليلية الرزينة مرورا بعوالم الرواية والحكي الممتشق بعبق السرد وفتح الخيال على مدارك أرحب وأوسع، ليحط الرحال مؤخرا في مقامات القريض وديوان العرب
ففي إصدار جديد خلال نهاية شهر رمضان عن دار منشورات النورس، نكشف وجها آخر للإعلامي والكاتب عبد العزيز كوكاس في “رائحة الله”، وهو العنوان الذي يثير حساسية التصوف العالم، على خطى الحلاج وابن عربي يشق النفحات والعبق.

كوكاس الشاعر، رغم عدم تأشير المبدع على جنس كتابه الجديد، الذي اكتفى بالتأشير عليه بعبارة ماكرة “شيء كالشعر”، تنم عن تواضع منقطع النظير، بحجة أنه كما يقول في إداء ما خَطَّهُ يَراعُه إلى “أمي التي تشبهُ القصيدة، وأستحي من أن أسمِّيَ دونها شعرا…”، يقع ديوان “رائحة الله” في 124 صفحة تتوزعها حوالي 33 قصيدة، تكشف عن صوت شعري مليء بالتأمل الفلسفي الممزوج بغنائية رقراقة، وبلغة شعرية شفيفة تلمح وتشير أكثر مما تصرح، لأن الدال في ديوان “رائحة الله” يبتهج بفرح وغبطته الخاصة، يرسم لنفسه أفقا لا ينحصر عند قول المعنى بل يستكنه شعريته الخاصة.

يقول الشاعر عبد الرفيع جواهري في تقديم ديوان “رائحة الله”: “يسائل كوكاس اسمه والْتِبَاساته بقسوة وعناد: “يا اسمي، يا ظلي المتَلَبِسُ بي، كيف تكبر معي مثل جلدي؟”، وفي ومضه مباغتة يكشف الشاعر عن سِنِّه بخجل مُرٍّ: “خمسة عقودٍ ونيف وأنا أتدثر بإسمي. والأسماء هل تليق بنا أم نليق بها؟”

في أكثر من نص يحاور كوكاس ويجادل الأسماء: “أين ترحل الأسماء بعد فناء الأجسام فينا؟” ثم يصف الاسمبالنشيد الأول.. وبطراوة لغته الآسرة يفسح كوكاسالمجال لحقول الذاكرة بالعودة إلى مقروءاته التي تنم عن سعة اطلاع، سواء في الأدب أو الفلسفة، من كوجيطوديكارت و“الوجود والعدم“ لجان بول سارتر الى “الشيخ والبحر“ لهيمنجواي ومن نابوليون الى فان غوغ وبودليروغير ذلك من الإحالات في خلطة إبداعية.

وخلاصة القول فإن قارئ “لو كان بالإمكان” سيستمتع بلذة القراءة مرددا في الختام: “آه لو كان بالإمكان ألاّتكون لهذه السانفونية الشعرية نهاية”.

نقرأ ضمن هذه الأضمومة الشعرية الجديدة للشاعر عبد العزيز كوكاس قصائد موشومة ب: حنين الإينومائليش، لا تحزن، لو كان بالإمكان، تيه باريسي، انتشاء بلا رأس، وصايا الغمام، تراتيل لآخر العمر، جريمة و”حيرة الأبيض” التي مما ورد فيها:

أريد للأبيض أن يستريح من تعب الموتى

ومشجب الانتظار، وينسل من ظل الأشياء..

أن يخرج من سرير غرفة الإنعاش وفوضى النهار

ويحرر أحلامه من أحزان منديل الوداع.

ويدل شراع سفينة إيزولدة إلى حبيبها المصاب تريستان

أريد للأبيض أن يلهو قليلا بعيدا عن الواجبات الثقيلة..

أن يصاحب الثلج حين يذوب في النهر

أو يغير مذاق الملح وطعم السكر في فم الصغار.

أريد للأبيض أن يُعيد للونه كامل البهاء، وما تفرضه لياقة الحضور..

أن يطلق العنان لساقه الرقيقة لاصطياد الفراشات الفاتنة بأحلام الهواء.

كن فتكون أيها الأبيض، خارج ثقب الفراغ وشبح الأشياء

سيد الألوان القادم من المجهول خارج هوس الخلود.

منفلتا من أسر المعنى، حرا طليقا مثل نسمة هواء.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق