جمعيات آباء التلاميذ بالمغرب.. بين خدمة المدرسة وشبهات التدبير المالي والسياسي

تم النشر بتاريخ 22 أبريل 2025 على الساعة 19:26

جريدة العاصمة

يطفو على السطح نقاش متزايد حول أداء جمعيات آباء التلاميذ في المؤسسات التعليمية المغربية، حيث يسجل متابعون للشأن التربوي انزياحا ملحوظا لبعض هذه الهيئات عن الأدوار الأساسية المنوطة بها. وبينما يؤكد الخبراء على أهمية هذه الجمعيات في دعم العملية التعليمية، تتصاعد المخاوف بشأن اختلالات في التسيير المالي والإداري، فضلا عن شبهات بتسييس عملها واستغلاله لأغراض حزبية ضيقة.

وتشير تقارير إلى ضعف في تفعيل الدور المنصوص عليه في ميثاق التربية والتكوين، والذي يشدد على أهمية الأنشطة الموازية في تكوين التلاميذ. فبدلا من تبني تخطيط استراتيجي شامل لهذه الأنشطة، يقتصر عمل العديد من الجمعيات على مبادرات موسمية تخضع للعلاقات الشخصية، ما يجعل التقارير السنوية مجرد إجراء شكلي في ظل غياب وعي حقيقي لدى الآباء بأدوارهم ومساهمتهم الفعالة.

 

ويلاحظ مراقبون غيابا لتمثيل فعال لعدد كبير من جمعيات الآباء في المجالس الإدارية والتربوية للمؤسسات التعليمية، بما في ذلك مجالس التدبير والمجالس التربوية ومجالس الأقسام. ويعزى هذا الغياب جزئيا إلى عدم وعي بعض الجمعيات بحقوقها، وإلى وجود عراقيل تضعها بعض الإدارات التعليمية خشية من إشراك الآباء في التدبير الجماعي للمؤسسات.

لكن أخطر ما يتم رصده، حسب مصادر مطلعة، هو تسييس بعض هذه الجمعيات من خلال التحكم في تشكيل مكاتبها وتسييرها بناء على الولاءات السياسية، وهو ما يثير شكوكا حول وجود اختلالات تدبيرية واستفادات مالية مشبوهة في المشاريع والأنشطة المختلفة التي تقوم بها الجمعيات داخل المؤسسات التعليمية. ويؤدي هذا الوضع إلى تغييب البعد التربوي الحقيقي لعمل هذه الجمعيات، ليحل محله منطق المحاصصة الحزبية والسياسية.

وفي سياق متصل، يتصاعد الجدل حول غياب آليات واضحة للمراقبة والمحاسبة المالية لجمعيات الآباء. فباعتبارها تجمع أموالا من انخراطات التلاميذ وأوليائهم ومن المحسنين والجهات الشريكة، وتتوفر على حسابات بنكية، يصبح من الضروري إخضاعها لرقابة صارمة حول كيفية صرف هذه الأموال، خاصة وأنها تخضع لقانون الحريات العامة الذي ينص على ضرورة المراقبة.

 

ورغم هذه الاختلالات، لا يجادل أحد في الأهمية القصوى لوجود جمعيات آباء وأولياء التلاميذ داخل المؤسسات التعليمية، لما لها من دور رائد في الرفع من مستوى الأداء التربوي وتحقيق الجودة المنشودة.

غير أن الواقع يكشف عن تحول تدريجي لدور بعض هذه الجمعيات ليقتصر بشكل كبير على تحصيل الاشتراكات السنوية، متخلية عن رسالتها الأساسية في مساعدة التلاميذ وتقديم الدعم اللازم لهم والمساهمة في خلق مناخ تربوي إيجابي يسهم في تحقيق نتائج دراسية أفضل.

 

وفي ظل هذه التحديات، يبقى السؤال مطروحا حول الآليات الكفيلة بتفعيل حقيقي لأدوار جمعيات آباء التلاميذ، وضمان شفافية تسييرها المالي والإداري، وتحييدها عن أي استغلال سياسي أو حزبي، بما يخدم مصلحة التلاميذ والمنظومة التعليمية بشكل عام.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق