تصوير العمل الخيري في رمضان: بين التوثيق وانتهاك الكرامة

تم النشر بتاريخ 7 مارس 2025 على الساعة 17:43
العاصمة
مع حلول شهر رمضان، تتكاثف المبادرات الخيرية في المغرب، حيث تسارع جمعيات ومجموعات تطوعية إلى توزيع المساعدات على الأسر المعوزة. غير أن هذه الجهود، التي تحمل في ظاهرها معاني التكافل والتآزر، تصاحبها في بعض الأحيان ممارسات تثير الجدل، وعلى رأسها تصوير المستفيدين أثناء تلقيهم الدعم، ثم نشر تلك الصور على وسائل التواصل الاجتماعي.
ما بين النية الحسنة والتشهير:
يرى المدافعون عن هذا التوجه أن تصوير هذه المبادرات ونشرها يعزز ثقافة العطاء، ويشجع المزيد من الأفراد والمؤسسات على المساهمة في العمل الخيري. كما يعتبر البعض أن التوثيق البصري يساعد على إثبات مصداقية الجهات المانحة، خاصة في ظل تزايد حملات النصب باسم العمل الإنساني.
لكن في المقابل، يرفض العديد من الفاعلين الجمعويين هذا التوجه، معتبرين أنه ينتهك خصوصية الأفراد ويجعل الفقراء مادة للاستعراض والترويج. وقد أعربت العديد من الجمعيات المغربية عن استنكارها لهذه الظاهرة، داعية إلى تقديم الدعم بعيدا عن عدسات الكاميرات، حفاظا على كرامة المستفيدين واحتراما لمشاعرهم.
الحق في النسيان وتداعيات نفسية جسيمة محتملة:
تشدد أصوات حقوقية على أن نشر صور المحتاجين – خصوصا الأطفال منهم – لا ينتهك فقط حقهم في الخصوصية، بل قد يؤدي إلى تداعيات نفسية خطيرة. فالطفل الذي يتم تصويره في موقف ضعف قد يكبر وهو يحمل إحساسا بالعار أو الوصمة الاجتماعية، خاصة مع انتشار هذه الصور عبر الإنترنت وصعوبة محوها في المستقبل. وهذا يتعارض مع ما يسمى بـ”الحق في النسيان”، وهو مبدأ قانوني يهدف إلى حماية الأفراد من التأثيرات السلبية لنشر بياناتهم الشخصية على الإنترنت.
بين التوثيق المسؤول واحترام الكرامة:
بين الحاجة إلى توثيق العمل الخيري، وضرورة احترام كرامة المستفيدين، يبرز الحل في تبني سياسات واضحة وأخلاقية في هذا المجال. يمكن توثيق المبادرات الإنسانية بطرق تحترم خصوصية الأفراد، كتصوير المشرفين على توزيع المساعدات دون إظهار وجوه المستفيدين، أو التركيز على مشاهد تعكس روح العطاء دون المساس بكرامة المعوزين.
يبقى الهدف الأسمى للعمل الخيري هو تحقيق التكافل الاجتماعي دون تحويل الفقر إلى وسيلة لجلب الإعجابات والمشاهدات. والمطلوب اليوم هو تعزيز وعي جمعي يحترم حقوق المستفيدين، ويؤسس لممارسات أكثر إنسانية وأخلاقية في هذا المجال.
