انخراط مهاجرين أفارقة في تنظيف شوارع وأزقة مكناس.. المبادرة لقيت استحسانا كبيرا من طرف أبناء المدينة الذين طالبوا بتشجيعهم

تم النشر بتاريخ 20 فبراير 2025 على الساعة 11:09
جريدة العاصمة / خليل المنوني
بدأ سكان مدينة مكناس التاريخية يستأنسون، في الآونة الأخيرة، بإقدام عدد من المهاجرين الأفارقة، المتحدرين من مجموعة من الدول جنوب الصحراء، من الجنسين معا، على القيام بحملات نظافة تشمل عددا من الشوارع الرئيسية، سواء بمنطقة المنزه بالمدينة الجديدة(حمرية) كمحجات محمد الخامس والحسن الثاني وعلال بن عبد الله والجيش الملكي، أو بشوارع منطقة الإسماعيلية كروامزيل ودار السمن ومحمد السادس، أو حتى داخل وأزقة ودروب المدينة العتيقة، إلى جانب أحياء سكنية أخرى كبرج مولاي عمر وقدماء المحاربين والبساتين والسباتا والزيتون وبني امحمد.
ولقيت مبادرة انخراط هؤلاء المهاجرين الأفارقة المقيمين في العاصمة الإسماعيلية في تنظيف شوارعها وأزقتها، بشكل يومي وروتيني، مقابل تبرعات يحصلون عليها سواء من المارة أو من قبل تجار وساكنة تلك الأحياء، لتأمين مصاريف المعيش اليومي، سيما في ظل البطالة التي يغرق فيها العديد منهم، (لقيت) استحسانا كبيرا من طرف أبناء المدينة المليونية، الذين طالبوا بتشجيعهم على هذا العمل التطوعي النبيل، مشيدين بطيبوبتهم وإخلاصهم وتفانيهم في العمل.
منظر هؤلاء المهاجرين الأفارقة، وهم يقومون بتنظيف الشوارع والأزقة بواسطة المكنسات، مرتدين قفازات وقبعات على طريقة عمال النظافة، يدل دلالة قاطعة على نجاح هذه الفئة في الاندماج ضمن المجتمع المغربي، مقدمين إشارات واضحة على قدرتهم الفائقة على اقتحام جميع الأنشطة، التي كانت، في وقت سابق، حكرا على المغاربة.
ومن شأن هذا الاندماج التدريجي في النسيج الاجتماعي للبلد أن يمكن الغالبية العظمى لهؤلاء المهاجرين الأفارقة من تغيير نمط التفكير من اتخاذ المغرب، المطل على إسبانيا، قنطرة وجسرا للعبور نحو الفردوس الأوروبي، إلى الاقتناع والإيمان بضرورة استقرارهم بربوع مدن وحواضر المملكة والبحث عن مزاولة أنشطة تضمن لهم دخلا قارا، يغنيهم عن السؤال واستجداء المارة في الشوارع والطرقات وأمام إشارة المرور الضوئية.
وفي هذا الصدد، كشف أحد هؤلاء المهاجرين الأفارقة المتطوعين، في شخص المسمى محمدو كامارا(31 عاما)، المتحدر من غينيا كوناكري، أنه يقضي عامه التاسع بالعاصمة الإسماعيلية، مشيرا إلى أنه يبدأ عملية تنظيف الأزقة والشوارع على الساعة الثامنة صباحا وينتهي قبيل مغرب الشمس، مبرزا أن ما يقوم به من خدمة يوفر له مدخولا يوميا محترما، قد يتعدى في بعض الأحيان، 150 درهما من تبرعات المواطنين المغاربة.
وعن تعامل المكناسيين معه ومع رفاقه المهاجرين، أوضح محمدو كامارا، في حديث إلى “جريدة العاصمة”، أن الساكنة تتعامل معهم معاملة حسنة وبرأفة، وتابع “المغاربة عموما شعب طيب ومضياف، يغدقون في العطاء ويعتبروننا مواطنين مغاربة وليس غرباء. إنهم يعرفون أننا عابرو سبيل، والديانة الإسلامية أوصت بمساعدتنا، وهم يطبقون ذلك، حتى أنهم لا يسألون عن ديانتنا”.
من جانبها، قالت خديجاتو لومبا(29 عاما)، وهي مهاجرة من الكونغو الديمقراطية، إنها عند مغادرتها المنزل في الصباح الباكر تكون مستعدة للقيام بأي عمل إنساني يطلب منه، مضيفة أن تكاليف العيش من سكن وغذاء وتطبيب تفرض عليها البحث عن وسيلة لكسب المال مهما كانت نوعيتها.
وأوضحت المهاجرة أنها قدمت للمغرب منذ ما يزيد عن خمس سنوات، مضيفة أنها كانت تعتقد أن البلد محطة عبور إلى الضفة الأخرى ليس إلا، غير أنها أمام فرص العمل وظروف العيش في البلد، آثرت الاستقرار في مكناس بمعية العديد من أبناء جلدتها، وراحت تبحث لنفسها عن رزقها وسط شوارع وأحياء وأزقة المدينة، من خلال تطوعها في عملية تنظيف وكنس الشوارع، مشيرة إلى أنها تعمل ثلاثة أيام في الأسبوع لفسح المجال لمهاجرات إفريقيات أخريات للقيام بالمهمة ذاتها.
