على من يضحك موخاريق؟ لماذا لم يُعلن الإضراب قبل المصادقة على قانون الإضراب؟

تم النشر بتاريخ 10 فبراير 2025 على الساعة 13:50

جريدة العاصمة 

في توقيت يُثير الجدل، أعلن الميلود موخاريق، الأمين العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، عن إضراب عامٍ احتجاجيًا على قانون تنظيم الإضرابات، وذلك بعد أيامٍ من مصادقة البرلمان عليه. قرارٌ يرى مراقبون أنه “فقدَ قوته الرمزية” بعد تحوُّل القانون إلى أمرٍ واقع، ما يطرح تساؤلاتٍ حول استراتيجية النقابة ومدى جدوى الخطوة في ظلِّ الظروف الجديدة.

 

يُوصَف موخاريق – وفق تحليلات سياسية – بأنه “خبيرٌ في إدارة التوقيتات الحرجة”، لكن قرار الإضراب المتأخِّر يُعتبر مفاجئًا حتى لأعضاء النقابة. فبدلًا من استخدام ورقة الضغط قبل التصويت البرلماني، جاءت الدعوة بعد إقرار القانون، ما دفع بعض النشطاء إلى اتهام القيادة النقابية بـ”الفقدان التدريجي للبوصلة”، خاصةً مع تصاعد غضب القواعد العمالية من تراجُع المكاسب الحقوقية.

 

لا تخلو الساحة النقابية من السرديات الساخرة، حيث يقارن محللون بين تكتيكات موخاريق وأداء الفنان عادل إمام في أدوار الكوميديا السوداء. فكما تتعامل شخصيات إمام مع الأزمات بمواقف “درامية متأخرة”، يرى نقاد أن موخاريق يتبنَّى خطابًا مناهضًا للسلطة، بينما تُتخذ قراراته الحاسمة في توقيتاتٍ تفقد معها فاعليتها، ما يُضعف ثقة العمال في قدرة النقابة على تمثيل مطالبهم.

 

تُثير الفترة التي سبقت إقرار القانون تساؤلاتٍ حول دور اتحاد الشغل. فخلال الأشهر الماضية، اقتصرت تحركات النقابة على بياناتٍ صحفية واجتماعاتٍ مغلقة مع الحكومة، دون حشدٍ فعلي للشارع العمالي. وهو ما يُفسِّره خبراء سياسيون بأنه “تراجعٌ عن دور النقابة التاريخي كفاعل ضاغط”، في حين يُرجِّح آخرون أن الصمت كان جزءًا من تفاهماتٍ غير مكتوبة لتمرير القانون بأقل احتجاجات.

 

يُشبّه مراقبون الإضراب المُعلن عنه بـ”الاعتراض على حادثة وقعت وانتهت”، إذ أن القانون الجديد يُقيِّد بشكلٍ كبير إمكانية تنظيم الإضرابات مستقبلًا. وبينما كان بالإمكان استخدام التهديد بالإضراب كورقة تفاوضية قبل التصويت، أصبحت الدعوة اليوم – بحسب محللين – مجرد “استعراضٍ رمزي” يهدف لإنقاذ ما تبقى من مصداقية النقابة أمام عمالٍ يشعرون بالتهميش.

 

في خضم هذا الجدل، تتعمَّق أزمة الثقة بين القواعد العمالية والنقابات. فالكثيرون يُعبِّرون عن استيائهم من “الخطاب المزدوج” لقياداتٍ ترفع شعارات الدفاع عن الحقوق، لكنها – وفق اتهامات – تتعامل مع ملفات العمال كأوراق تفاوضية في حساباتٍ ضيقة. واقعٌ يدفع باتجاه مطالباتٍ بإصلاح هيكلي للنقابات، قد يكون بوابةً لظهور جيلٍ جديد من القيادات الأكثر تمثيلًا للهموم اليومية للطبقة العاملة.

 

يختتم مراقبون المشهد بالقول: “إذا كانت النقابات تُشبه مباراة كرة قدم، فإن موخاريق دخل الملعب بعد دقائق من انتهاء المباراة”. فمهما بلغت براعة الأداء، فإن التأخير في اتخاذ القرارات المصيرية يُحوِّل النضال من معركة حقوقية إلى مجرد مشهدٍ أخير في مسرحيةٍ طويلة، تُعيد إنتاج أزمات العمال دون حلول جذرية.

SAADI
اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق