اعتصام عمال وعاملات “سيكوميك” بمكناس يدخل شهره السابع..يعيشون وضعا مأساويا دون أن تلوح في الأفق مؤشرات لإيجاد حلول له

تم النشر بتاريخ 28 يناير 2025 على الساعة 11:12
جريدة العاصمة / خليل المنوني
وضع مأساوي لأزيد من 550 عامل وعاملة
دخل الاعتصام المفتوح والمبيت الليلي القسري، الذي يخوضه عمال وعاملات الوحدة الصناعية للملابس“سيكوميك/ سيكوم” أمام إحدى الوحدات الفندقية المصنفة بالمدينة الجديدة(حمرية) بمكناس، التي تعود ملكيتها لعائلة الوحدة الصناعية المشغلة شهره السابع، دون أن تلوح في الأفق بوادر ومؤشرات لفتح حوار جاد ومسؤول لإيجاد حل توافقي لهذا الوضع المأساوي، الذي يعيشه أزيد من 550 عامل وعاملة، قضوا سنوات من العمل بالوحدة الإنتاجية“سيكوميك/ سيكوم”، قبل أن تتحول بطرق يعتبرها العمال والعاملات احتيالية، ما حول حياة العديد من الأسر إلى جحيم لا يطاق، وذلك منذ أزيد من أربع سنوات، سيما خلال السنتين الأخيرتين بعدما أغلقت المؤسسة المشغلة أبوابها في وجوههم، وحرمانهم من أجورهم والتغطية الصحية.
ونتيجة لهذا الوضع، غير المسبوق في تاريخ الوحدات الصناعية بجغرافية العاصمة الإسماعيلية، أصبح العمال والعاملات المعتصمون يعيشون حالة تشرد حقيقية، كان من تداعياتها صدور أحكام قضائية تتعلق بالإفراغ من المنازل، التي كانوا قد اقتنوها بقروض بنكية، لم يعودوا قادرين على تسديد أقساطها الشهرية، فضلا عن تشتيت مجموعة من الأسر نتيجة تسجيل العديد من حالات الطلاق في صفوف العمال والعاملات، إلى جانب الأوضاع الصحية المتدهورة للعديد منهم، وخاصة من يعانون منهم أمراضا مزمنة كداء السرطان اللعين والسكري وارتفاع الضغط الدموي والقلب والشرايين والروماتيزم…، وكلها أمراض تتطلب علاجات مكثفة وأدوية مكلفة، وهو ما لا يتأتى لهم لحرمانهم من التغطية الصحية منذ شهر نونبر2021، وقد فارق الحياة جراء ذلك العديد من العمال والعاملات، فيما لا يزال آخرون وأخريات يواجهون مضاعفات مختلف الأمراض، منهم من بترت أطرافه السفلى ومنهم من فقد بصره.
احتجاجات تواجه باللامبالاة والاستخفاف
احتجاجات عمال وعاملات“سيكوميك/ سيكوم” من خلال الاعتصامات أمام مقر الوحدة الإنتاجية سواء قبل أو بعد إغلاق أبوابها في وجوههم منذ شهر نونبر 2021، وأمام مقر الاتحاد المحلي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والوقفات الاحتجاجية أمام بنايتي عمالة مكناس والمحكمة الإدارية، ووجهت باللامبالاة والاستخفاف من طرف كل المسؤولين المحليين والجهويين والوطنيين، على حد سواء.
قرار مواصلة الاعتصام المفتوح والمبيت الليلي القسري، تحت رحمة براريك كرتونية وبلاستيكية، أمام الوحدة الفندقية المصنفة المذكورة، في ظل الطقس البارد، كان ولا يزال الهدف منه هو مخاطبة السلطات المحلية ومالكي الوحدة الإنتاجية، التي كانت مصدر عيش أزيد من 550 أسرة.
ما يميز هذا الوضع هو استمرار الاعتصام لعدة أشهر دون تدخل فعال أو حلول ملموسة من الجهات المعنية محليا وجهويا ووطنيا. وتشمل مطالب العمال حقوقا أساسية من قبيل صرف مستحقاتهم المالية، التي ظلت عالقة بذمة رب الوحدة الصناعية المذكورة، وتسوية مستحقات الضمان الاجتماعي، وضمان حقوقهم وفقا للقوانين الجاري بها العمل.
إثارة القضية تحت قبة البرلمان
في الوقت الذي كان عمال وعاملات الوحدة الصناعية“سيكوميك/ سيكوم”، ومعهم الرأي العام بالعاصمة الإسماعيلية، ينتظرون لسنوات طوال أن يبادر النواب البرلمانيون ومستشارو الغرفة الثانية المنتخبون عن دائرة مكناس إلى إثارة القضية تحت قبة البرلمان، ولو من باب”من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانِه، فإن لم يستطع فبقلبِه، وذلك أضعف الإيمانِ”، فإذا بالرد يأتي سريعا من أحد البرلمانيين من خارج أسوار المدينة المليونية، وتحديدا من الدائرة الانتخابية لبولمان. ويتعلق الأمر بالنائب البرلماني رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، الذي ساءل يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، حول أزمة مصنع سيكوم بمكناس وما سببه من معاناة لعشرات الأسر، التي فقد معيلوها قوتهم اليومي بعد طردهم وتشريدهم دون أي تسوية تذكر .
البرلماني حموني وجه سؤالا كتابيا للوزير يونس السكوري، مسائلا إياه عن التدابير التي ستتخذها الوزارة الوصية لإيجاد حل لهذه الأزمة، وبالتالي إجبار مسؤولي الشركة على صرف أجور العاملات والعمال المعتصمين، منذ مدة طويلة، وأداء واجبات انخراطهم في الضمان الاجتماعي وإنهاء أزمتهم، التي دامت عقدا من الزمن، وما زالت متواصلة في اعتصامهم المفتوح والمبيت الليلي القسري، الذي يخوضونه منذ منتصف شهر يوليوز الماضي أمام الوحدة الفندقية المصنفة بالمدينة، التي تعود ملكيتها لعائلة الوحدة الصناعية المشغلة.
القضية التي أثارها البرلماني رشيد حموني بشأن أزمة الوحدة الصناعية “سيكوميك/ سيكوم”، بقدر ما خلفت ارتياحا كبيرا في نفوس العمال والعاملات المتضررين، بقدر ما سلطت الأضواء الكاشفة على واحدة من أبرز الإشكاليات والمعضلات الاجتماعية والاقتصادية، التي تواجه العديد من العاملات والعمال في المغرب، خصوصا في القطاعات الصناعية التي تواجه أزمات مالية وإدارية تؤثر بشكل أو بآخر على حياة العاملين والعاملات وعائلاتهم.