وضع كارثي للنافورات المائية بمكناس.. طالها النسيان وجرفها تيار الإهمال في غياب أي التفاتة من الجهات المسؤولة
تم النشر بتاريخ 17 ديسمبر 2024 على الساعة 15:50
جريدة العاصمة / خليل المنوني
«تجربة رائدة مع النافورات…ولكن… !»
لمدينة مكناس تاريخ عريق وتجربة رائدة مع النافورات، التي مثلت إلى عهد قريب، إحدى المعالم الحضارية التي ميزت أرجاء المدينة الإمبراطورية، المصنفة تراثا عالميا إنسانيا من قبل منظمة «اليونيسكو»، وشكلا من الأشكال الجمالية متعددة الجوانب، من خلال جمعها بين جمال المنظر، الذي يتشكل من حركة الماء وتصميم النافورة، وبين صوت المياه المتدفقة منها، ما يضفي لدى المرء شعورا بالراحة النفسية والاسترخاء.
وتميزت هذه النافورات، بزخارفها الساحرة ونسقها المعماري المتباين من نافورة إلى أخرى، فضلا عن تصاميمها المغربية الخالصة، وزخرفتها المشكلة من السيراميك، متعدد الأشكال والألوان، فعكست ثقافة فنية خاصة، وحددت هويتها الفنية بكثير من الجمال والأناقة.
« وضعية مزرية غير مسبوقة»
لكن أين النافورات المائية بالعاصمة الإسماعيلية اليوم من هذا الرونق؟ سؤال يجيب عنه حال وواقع هذه النافورات، التي منها ما اندثر واختفى بشكل كلي، كما هو الشأن بالنسبة إلى النافورات التي أثثت، على امتداد سنوات عديدة، ساحتي «الهديم» و«لالة عودة» التاريخيتين، وكلفت عمليتا تشييدها وهدمها المجالس المتعاقبة على تدبير الشأن المحلي للمدينة ميزانيات خيالية.
وبدأت النافورات المقاومة، وعددها ستة بالتمام والكمال، تفقد وظيفتها، بعدما طالها النسيان وجرفها تيار الإهمال، ما جعلها تفقد جماليتها وحضورها التاريخي في حياة ساكنة حاضرة«باب منصور لعلج» وزوارها على حد سواء، بسبب الوضعية المزرية، غير المسبوقة، التي باتت تعيشها، خلال الشهور الأخيرة، علما أن أغلبها يقع وسط المدينة الجديدة(حمرية)، مثلما هو حال نافورة مدارة«سينما كاميرا»، الواقعة في مفترق طرق شوارع محمد الخامس والحسن الثاني وعلال بن عبد الله، التي تحولت إلى مستنقع مليء بالطحالب، وإلى حوض لتجمع المياه الآسنة، التي تفوح منها الروائح الكريهة، خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف.
الوصف ذاته ينسحب على حال نافورة«لاكورا»، الواقعة في مدارة«باب بوعماير»، التي تحولت مياهها الراكدة إلى ما يشبه الأوحال، وأصبحت هي الأخرى مفرغة «عشوائية» تصب فيها مختلف النفايات، بل ومرتعا خصبا للبعوض والحشرات، ما يشكل خطرا مباشرا على صحة الساكنة، والشيء نفسه بالنسبة إلى نافورة مدارة زين العابدين، الواقعة بشارع محمد السادس.
عدوى الإهمال انتقلت إلى ثلاث نافورات مائية تتمركز جميعها بالمدينة الكولونيالية(حمرية)، ويتعلق الأمر بالنافورات الواقعة بالساحة الإدارية، بالقرب من محكمة الاستئناف والقصر البلدي وبريد المغرب، التي كانت مزارا لالتقاط الصور لعرائس أبناء المدينة وزوارها، قبل أن تتحول إلى مجرد أطلال، بعد أن جفت مياهها المتدفقة على أنغام الموسيقى الكلاسيكية، واحترقت أضواؤها الملونة، وتعطلت معداتها وتجهيزاتها. وأخرى بمدارة«لاراديم» بمفترق شارعي الجيش الملكي وبئر أنزران.
«تذمر ساكنة المدينة»
وعبر عدد من السكان عن تذمرهم واستيائهم العميقين من الوضع المزري والكارثي، التي باتت تعيشه النافورات، مبدين استغرابهم الكبير من تركها دون أي صيانة أو نظافة، إذ قال أحد شباب المدينة، «رغم تواجد جل النافورات وسط المدينة الجديدة(حمرية)، ووسط كثافة بشرية كبيرة جدا، إلا أننا لم نلمس أي التفاتة من الجهات المسؤولة تجاهها، على الأقل لتنظيفها وشفط تلك المياه الملوثة، التي من شأنها أن تشكل خطرا صحيا مباشرا علينا».
وأضاف المتحدث نفسه، في تصريح لـ«جريدة العاصمة»، «إن مجلس المدينة يتجاهل عمل الصيانة الدورية لهذه النافورات، بحجة عدم وجود أموال، حتى وصلت إلى الحالة المتدهورة التي نشاهدها عليها الآن. وهنا أتساءل لماذا لا تشغل هذه النافورات إلا في المناسبات الخاصة، على غرار تنظيم الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس، في حين تبقى معطلة على امتداد أشهر السنة».