مـــــســــــــار عبد الرحمن ابن زيدان… عاشق المسرح بامتياز

تم النشر بتاريخ 13 ديسمبر 2024 على الساعة 11:28

جريدة العاصمة / خليل المنوني

ولد الأديب عبد الرحمن بن زيدان سنة 1947 بمكناس، وتحديدا بدرب الجنان بالمدينة العتيقة. فتح عينه على واقع المغرب المستعمر، وشاهد مجموعة من الأحداث التي كانت تقع في مسقط رأسه في شكل مظاهرات أو إضراب عام. عاش في وسط وطني وديني جعله يعرف المدينة وزواياها ومساجدها، فتربى تربية دينية جعلت والده يحرص على أن يتلقى تعليمه الابتدائي بمدرسة الرشاد، التي مثلت فترة دراسية هامة تركت بصماتها على حياته، حيث اكتشف البعد الوطني، الذي كان يغمر المسير التعليمي بالمؤسسة، وتشبع بالأفكار التي كان يزرعها مديرها، محمد بن العلمي، في التلاميذ أثناء الاحتفال بالأعياد الدينية والوطنية.

في هذه الفترة حفظ قصائد من عيون الشعر العربي، وكان المدير هو من يلقن الدروس في المحفوظات والأخلاق والنحو والدين والجبر والهندسة والمعلقات السبع والأجرومية، ويلح على تحفيظ كل التلاميذ قصيدة أبي البقاء الرندي، التي حفظها في قسم الشهادة، كما حفظ العديد من القصائد الشعرية من التراث الأندلسي والجاهلي والإسلامي والعباسي.

تابع دراسته الثانوية بمؤسسة النهضة الإسلامية، فعايش كل الأحداث التي وقعت في الفترة ما بين 1961 و1963. كانت هذه الثانوية تضم أساتذة مغاربة عربا ويهودا، وجزائريين، ومصريين، وفلسطينيين وفرنسيين، وأردنيين، ولبنانيين. لكن مشكلة حرب الرمال، والصراع المغربي الجزائري والاستغناء عن خدمات الأساتذة المصريين كانت له انعكاساته على العملية التعليمة، ما دفع وزارة التعليم إلى انتداب معلمين وإلحاقهم للتدريس بسلك الثانوي.

كان يقضي الفترات المسائية، بعد الانتهاء من الحصص النظامية، في خزانة الجامع الأعظم بمكناس (الجامع الكبير)، ينهل من معين المعرفة، ويكتشف ذخائر أمهات الكتب، ويتعرف على التراث العربي المكتوب منه والمخطوط. وفي هذه الحصص المسائية حفظ قصائد ابن زيدون وأشعار أحمد شوقي، وكان مواظبا على قراءة جديد مجلة العربي الكويتية، ومجلة العالم، واكتشف المخطوطات التي تؤرخ للفكر والتاريخ المغربيين.

وقد كان عبد الرحمن ابن زيدان يزاوج بين برنامج الحضور في خزانة الجامع الكبير، ومتابعة دروس الموسيقى في المعهد البلدي للموسيقى والرقص والمسرح بالمدينة الجديدة(حمرية). لكنه توقف عن دراسة الموسيقى ليتفرغ للتحضير لامتحان الباكلوريا، التي كان التهيؤ لها يتم في ثانوية النهضة في مكناس، أما الاختباران الشفاهي والكتابي فيتم اجتيازهما في ثانوية مولاي إدريس بفاس، التي حصل فيها عام 1967 على شهادة الباكلوريا. وبين فترة حصوله سنة 1971 على الإجازة في الأدب العربي، بعدما قدم بحثا في موضوع “القصة القصيرة في المغرب بين 1960 و 1970″، ونيله عام 1993 دكتوراه الدولة في موضوع “إشكالية المنهج في النقد المسرحي العربي”، عمق الدكتور ابن زيدان معرفته بتاريخ الفكر الماركسي والفلسفة الوجودية والمسرح العالمي والأدب الفرنسي، وعشق رواد الرواية الواقعية في روسيا، وحبب إليه والده الروايات التاريخية التي كتبها جورجي زيدان، ونجيب محفوظ وأحمد عبد الحليم عبد الله، ودفع به إلى اكتشاف التراث العربي الإسلامي.

لم يمنعه تخصصه في النقد المسرحي من الكتابة في النقد الأدبي، والنقد السينمائي، والفن التشكيلي، فضلا عن الرواية، والسيرة الذاتية، والمسرح، إذ له مؤلفات كثيرة منها، “من قضايا المسرح المغربي”، و”المقاومة في المسرح المغربي”، و”كتابة التكريس والتغيير في المسرح المغربي”، و”أسئلة المسرح العربي”، و”قضايا التنظير في المسرح العربي من البداية إلى الامتداد”، و”إشكالية المنهج في النقد المسرحي العربي”، و”خطاب التجريب في المسرح العربي”، و”مدن في أوراق عاشق”، و”التجريب في النقد والدراما “، و”المسرح المغربي في مفترق القراءة “، و”الثقافة المغربية علامات بعد علامات”، و”المسرح في دول مجلس التعاون الخليجي: هوية الواقع وسؤال القراءة “، و”عبد اللطيف الصايغ… ذاكرة تحكي”، و”الاختلاف ومعنى الآخر في مسرح أبى العلا السلاموني”، و”رهانات المسرح المصري المعنى والسؤال”، و”المختصر المفيد في المسرح العربي الجديد”، و “معنى الرؤية في المسرح العربي”، و”التشكيل المغربي بلغة الذاكرة”، و”أعلام مكناس في القرن العشرين”(الجزء الأول)، بالاشتراك مع الأستاذ عبد العزيز بن عبد الجليل، و”صمت له كلامه ” و”مقامات القدس في المسرح العربي”.

حصل عبد الرحمن على عدة شهادات تقديرية من المغرب ومن خارجه، علاوة على تكريمه من طرف مجموعة من المنابر الثقافية والقنوات التلفزية والمهرجانات المسرحية. كما حظي بشرف العضوية في لجان التحكيم في مهرجانات وطنية ودولية.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق