هل عجزت الأحزاب السياسية المغربية عن تكوين نخب سياسية قادرة على مواكبة الإصلاحات الوطنية الكبرى؟

تم النشر بتاريخ 4 سبتمبر 2024 على الساعة 19:01

تعيش الساحة السياسية المغربية، خلال السنوات الأخيرة على وقع أزمة خانقة في إنتاج نخب جديدة قادرة على حمل مشعل التغيير والإصلاح، والتي باتت تطال مختلف التيارات السياسية، بما فيها الموجودة في منصب المسؤولية أو المعارضة، بين مروج لخطاب الشعبوية، ومجتر لأطلال الماضي، وباحث عن مكان في الساحة السياسية لتفريغ سموم الإديولوجيات الميتة.

ووفق متابعين، فإن ’’المشهد السياسي الحالي يكشف بوضوح عن ضعف الأحزاب في تجديد نخبها، مما أدى إلى ظهور نفس الوجوه في كل محطة انتخابية، مع نفس الخطابات التي لم تعد تقنع أحدًا، بما فيها الخطاب اليساري، الذي كان في يوم من الأيام رمزًا للنضال والكفاح من أجل العدالة الاجتماعية والمساواة. حيث أصبح اليوم وكأنه عالق في الماضي، يعيد إنتاج نفس الأفكار والشعارات التي فقدت بريقها ولم تعد تواكب تطلعات الأجيال الصاعدة’’.

ووفقاً للمصدر ذاته، فإن هذا ’’الوضع خلق نوعًا من الجمود السياسي، حيث لم يعد هناك جديد يقدم على مستوى الأفكار أو القيادات الحزبية، التي كان يُفترض أن تكون منبعًا للحلول والتغيير،  بعدماأصبحت اليوم مجرد مؤسسات تكرر نفسها، غير قادرة على مجاراة التغيرات السريعة التي يشهدها المجتمع المغربي.

ويرى المصدر ذاته، أن ضعف انتاج النخب السياسية الجديدة القادرة على مواكبة التغييرات الكبرى التي تشهدها المملكة، يكشف بوضوح عن ضعف الأحزاب في تجديد نخبها، وضخ دماء جديدة في شرايين المشهد السياسي المغربي، بالرغم من ظهور بعض الوجوه السياسية الشابة، في مناصب مسؤولية رفيعة المستوى على مختلف المستويات، أبرزها الاستوزار وتمثيل الساكنة بقبة البرلمان، والهياكل الحزبية وإدارة المؤسسات الكبرى.

وذكر المصدر ذاته، أن الأزمة تتجلى بشكل أكبر في الفجوة الواسعة بين الخطاب السياسي والواقع المعاش، حيث أن الأحزاب السياسية، التي من المفترض أن تكون صوت المواطن، أصبحت بعيدة كل البعد عن هموم الناس ومشاكلهم اليومية. في وقت يعاني فيه المواطن من كل الظواهر، من بطالة وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، في سياق  نجد فيه السياسيين منشغلين بنقاشات نخبوية وقضايا أيديولوجية لم تعد تهم الشارع المغربي، حيث أدت الفجوة أدت إلى عزوف متزايد عن العمل السياسي.

وشدد نفس المصدر، على أن من الأسباب الرئيسية لهذا الفشل هو غياب رؤية سياسية واضحة ومشروع وطني شامل يلتف حوله الجميع، في وقت أظهرت فيه الأحزاب عجزها بشكل لافت عن صياغة استراتيجيات طويلة الأمد، وتكتفي بشعارات فضفاضة لا تتجاوز الخطاب السياسي السطحي، حيث أن هذا الفراغ الفكري والسياسي جعلها غير قادرة على تقديم بدائل مقنعة، وهو ما يفسر تراجع الثقة بين المواطنين والمؤسسات السياسية.

ومن سخرية القدر في المشهد السياسي المغربي، يضيف المصدر ذاته، أن وجود أحزاب تدعي كونها منتمية لليسار السياسي، والتي كانت في زمن الماضي رائدًا في الدفاع عن حقوق الطبقات الكادحة والمهمشة، يبدو اليوم وكأنها تعيش على الأطلال، بخطاب سياسي يفتقد للروح والجاذبية والمصداقية، حيث لم ينجح في تطوير نفسه ولا في تقديم بدائل حقيقية تتماشى مع التحديات الراهنة،  وما نشهده اليوم ليس سوى اجترار لنفس الأفكار القديمة، في وقت يتطلب فيه الواقع حلولًا جديدة ومقاربات مختلفة.

 

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق