رسالة إلى الوزير لحسن السعدي.. إن أردت معرفة حقيقة الصناعة التقليدية بفاس عليك زيارة هذه الأماكن بشكل غير رسمي

تم النشر بتاريخ 9 فبراير 2025 على الساعة 1:57
جريدة العاصمة
قام كاتب الدولة لدى وزيرة السياحة المكلف بالصناعة التقليدية، لحسن السعدي، بزيارة عمل لمدينتي فاس ومكناس على مدى يومين، حيث التقى بمسؤولي مندوبية الصناعة التقليدية ومكتب غرفة الصناعة التقليدية، إلا أن هذه الزيارة أثارت تساؤلات حول مدى مصداقية الأرقام والمشاريع التي تم التصريح بها امامه، وما إذا كانت تعكس الواقع الحقيقي للصناع التقليديين.
خلال الزيارة، اصطحب مسؤولو القطاع الوزير إلى مواقع محددة مسبقًا، حيث تم عرض مجسمات لمشاريع ستقوم الدولة بتمويلها، وكأنها من إنجازات هؤلاء المسؤولين والمنتخبين، إلا أن الواقع على الأرض يختلف تمامًا، حيث يعاني الصناع التقليديون من سوء التدبير وغياب الكفاءة في إدارة القطاع، مما أدى إلى تفاقم مشاكلهم وتردي أوضاعهم الاقتصادية.
ومن بين المشاريع الفاشلة التي تمت الإشارة إليها، مشروع فندق “لالة يدونة”، الذي يعاني من ركود اقتصادي حاد بسبب ارتفاع الأسعار بشكل عام وأسعار المواد الأولية بشكل خاص وتداعيات جائحة كورونا، وقد وصل الأمر بالصناع التقليديين إلى مواجهة إجراءات قضائية بسبب عدم قدرتهم على تسديد التزامات الكراء، على الرغم من الوعود المعسولة التي كان قطعها المسؤولون بتوفير قوافل سياحية لدعمهم، كما أن توزيع المحلات في هذا المشروع شهدت اختلالات كبيرة، مع تدخلات حزبية وسياسية لصالح أشخاص لا علاقة لهم بالصناعة التقليدية.
وكان من المفترض أن يزور الوزير “مركب بنجليق” للاستماع مباشرة إلى معاناة الصناع التقليديين في قطاعات مثل الزليج والفخار والخرازة والنحاس والصناعات الجلدية والأحذية. إلا أن هذه المشاريع، التي أُنشئت لدعم الصانع التقليدي، تحولت إلى مصدر ربح لـ”حيتان كبار” يختبئون خلف الأضواء السياسية والحزبية، بينما يعاني الصانع التقليدي الصغير من الإهمال والتهميش.
كما أثيرت تساؤلات حول أداء مندوب الصناعة التقليدية، الذي يتولى منصبه منذ “قرن أو غزالة” دون تحقيق أي إنجازات تذكر، بل على العكس، تزايدت الإشكالات في عهده، مما أدى إلى تراجع العديد من الصناعات التقليدية مثل الحياكة “الدرازة” والخياطة والستارمية والشربيل الفاسي المرصع بالصقلي، بالإضافة إلى الزناكية والبرشمان والفريغ، التي تواجه خطر الانقراض بسبب الإهمال.
ويشير مراقبون إلى أن برامج التكوين التي تم إنفاق ملايير عليها لم تحقق النتائج المرجوة، حيث اعتبروها مجرد هدر للمال العام، دون أن تنعكس إيجابيًا على واقع الصناع التقليديين، فالأرقام المعلنة عن عدد الذين تكونوا في هذه المراكز لا تعكس الحقيقة، وإذا ما تم التحقيق في هذه البرامج، ستكون النتيجة “الشيح والريح”، كما يقول المثل، فأين هم هؤلاء الآلاف الذين تكونوا في هذه المراكز؟.
وفي الختام، إذا أراد السيد الوزير معرفة الحقيقة بعيدًا عن الأرقام المبالغ فيها والمشاريع الوهمية، فإن التحدي مرفوع له لزيارة هذه المناطق بشكل غير رسمي والاستماع مباشرة إلى شكاوى الصناع التقليديين، فقط عندها سيكتشف الواقع المرير الذي يعيشونه، بعيدًا عن الابتسامات المصطنعة وولائم البسطيلة والبرقوق باللحم و الدجاج المحمر بالدغميرة الفاسية.
