ست سنوات لمروج كحول مغشوشة بمكناس.. تسببت في إزهاق أرواح 11 شخصا من أعمار مختلفة يعيشون حالة التشرد والإدمان

تم النشر بتاريخ 20 فبراير 2025 على الساعة 22:27

جريدة العاصمة / خليل المنوني

بتت غرفة الجنايات الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بمكناس، وهي تنظر في الملفات المستأنفة المدرجة أمامها في جلسة يومه الخميس، 20 فبراير الجاري، في القرار الابتدائي المطعون فيه بالاستئناف، الصادر في الملف عدد 138/2023، الذي توبع فيه، في حالة اعتقال بالسجن المحلي تولال2(ضواحي مكناس)، تاجر في المواد الغذائية، على خلفية قضية مثيرة، ما زالت تحظى بمتابعة كبيرة من طرف الرأي العام المحلي بالعاصمة الإسماعيلية، تتعلق بحيازة وترويج كحول مغشوشة، تسببت في إزهاق أرواح 11 شخصا من أعمار مختلفة يعيشون حالة التشرد والإدمان.

وقضت هيأة المحكمة، برئاسة المستشار محمد العمش، بعد المداولة في آخر الجلسة، التي امتدت حتى الساعة السابعة و45 دقيقة ليلا، بتأييد القرار الابتدائي، القاضي بمعاقبة المتهم(عبد العزيز مساعد) بست سنوات سجنا نافذا، بعد مؤاخذته من أجل“تقديم مواد مضرة بالصحة نتجت عنها وفيات، بالنسبة إلى الضحايا الـ 11 الهالكين، وإعطاء مواد مضرة بالصحة نتج عنها عجز تتجاوز مدته 20 يوما بالنسبة إلى الناجين”، وفقا للفقرة الثانية من الفصل 413 من القانون الجنائي.

وبعد النطق بالحكم الصادر في حقه، الذي نزل كالصاعقة على أفراد أسرته الصغيرة، التي حضرت جلسة محاكمته، أشعر المتهم ودفاعه، في شخص الأستاذ عبد النبي بوزوبع، المحامي بهيأة مكناس، من قبل المستشار محمد العمش أن لهما الحق في الطعن بنقض القرار داخل أجل أقصاه عشرة أيام، قبل أن يعلن عن رفع الجلسة.

وتفجرت القضية، استنادا إلى مصادر “جريدة العاصمة”، في الساعات الأولى من صباح 30 ماي 2023، عندما عاشت العاصمة الإسماعيلية مكناس على وقع رعب واستنفار أمني كبيرين، بعد عثور المصالح الأمنية بالمدينة على سبع جثث لأشخاص من أعمار مختلفة، يعيشون حالة التشرد، بعدة أحياء شعبية بالمدينة، وهي أحياء البرج المشقوق والرياض(الملاح الجديد) وتولال وبرج مولاي عمر والعويجة بمنطقة الزيتون.

وتبين بعد البحث أنهم وقعوا ضحايا استهلاك كحول مغشوشة، قبل أن يرتفع العدد إلى 11 بعدما فارق أربعة أشخاص آخرين الحياة بقسم المستعجلات، التابع للمركز الاستشفائي الإقليمي محمد الخامس بالمدينة، نقلوا إليه على وجه السرعة رفقة سبعة أشخاص آخرين، وهم في وضع صحي جد حرج.

وخلصت التحقيقات والأبحاث التي باشرتها المصالح الأمنية إلى أن جميع الضحايا، وهم من مدمني الكحول، تناولوا كحولا مغشوشة، كانوا اقتنوها من محل يقع في حي السكاكين بالمدينة العتيقة بمكناس، سارعت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمكناس إلى اعتقال مالكه (عبد العزيز مساعد)، البالغ من العمر 68 عاما، ومساعده القاصر(17 عاما)، إذ وضع المشتبه فيه الراشد تحت تدبير الحراسة النظرية لفائدة البحث والتقديم، فيما تم الاحتفاظ بالموقوف الحدث تحت تدبير المراقبة، رهن إشارة البحث القضائي، الذي جرى تحت إشراف النيابة العامة المختصة، بغرض الكشف عن جميع ظروف وملابسات وخلفيات القضية، وتحديد العلاقة بين الوفيات المسجلة والمواد الكحولية المتناولة.

وأسفرت عملية التفتيش الدقيق، الذي خضع له محل المشتبه فيه الراشد، عن حجز العشرات من القوارير البلاستيكية الفارغة، التي كانت تحتوي على مادة كحول التعقيم، التي تسببت في وفاة الضحايا الـ 11، وهي كحول منتهية الصلاحية، تم تخزينها منذ فترة جائحة فيروس “كورونا” القاتل.

إلى ذلك، كشفت المصادر ذاتها أن الخبرة، التي أجريت على عينة من الكحول التي أودت بحياة الضحايا الـ 11، تعود لسائل خطير من مادة “الميتانول”، المعد أساسا للتعقيم وتصل قوته إلى 96 درجة، في الوقت الذي تسبب شربه من طرف الضحايا وفق نتائج التشريح الطبي في تسمم حاد توقفت على إثره وظيفة الكبد بسبب تشمعه، وهو الأمر الذي كان سببا مباشرا في الوفاة.

يشار إلى أن تاجرا آخر، توبع في ملف منفصل، على ذمة القضية ذاتها، بعد الاشتباه في تورطه في تزويد صاحب المتجر المعتقل بالكحول المستعملة للتعقيم، إذ قضت غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بمكناس ببراءته من المنسوب إليه، وهو القرار الذي تم الطعن فيه بالاستئناف من طرف الوكيل العام للملك لدى المحكمة نفسها، قبل أن تقرر غرفة الجنايات الاستئنافية معاقبته بأربع سنوات سجنا نافذا، في انتظار أن تقول غرفة جنايات ما بعد النقض كلمتها الفصل في النازلة.

SAADI
اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق