سكان حي البساتين بمكناس يجددون مطالبتهم بإحداث مقبرة..يضطرون إلى قطع مسافات طويلة بحثا عن مقابر يوارون بها موتاهم

تم النشر بتاريخ 19 ديسمبر 2024 على الساعة 14:51

جريدة العاصمة / خليل المنوني

جدد سكان حي البساتين بمكناس مطالبتهم السلطات المحلية بالعمل على إيجاد حلول آنية ومستعجلة لإحداث مقبرة جديدة. ويأتي إلحاح السكان، البالغ عددهم أزيد من 90 ألف نسمة، بعدما ازدادت معاناتهم مع البحث المضني عن مواضع لدفن الموتى، حيث لم تعد المقبرة الحالية، والتي يرجع تاريخ إحداثها إلى أواخر أربعينات القرن الماضي، قادرة على استيعاب موتى جدد نتيجة امتلائها عن الآخر، لدرجة يكاد المرء لا يجد له موطئ قدم فوق ترابها، بعدما عمد البعض إلى استغلال الممرات، بل وحتى الأماكن الفاصلة بين القبور لدفن الموتى، وهي الحقيقة التي وقفت عليها “جريدة العاصمة” خلال زيارتها للمقبرة المذكورة.

وأكدت مجموعة من شباب الحي أن عائلات الموتى تضطر إلى قطع مسافات طويلة بحثا عن مقابر أخرى كسيدي مسعود بحي برج مولاي عمر، ومقبرة الرحمة الواقعة بجماعة ويسلان، علما أن أقربها إلى الحي تبعد عنه بحوالي ثلاثة كيلومترات. وكلها عوامل تضاعف معاناة عائلات الموتى، الذين تختلط عندهم حرقة فاجعة فراق الأهل والأحباب بهاجس البحث لهم عن قبور يوارون بها.

وفي هذا الصدد، يستحضر البعض الحادث الأليم الذي وقع لإحدى العائلات، منذ أزيد من عشر سنوات، أثناء تشييعها جنازة فقيد لها، وهي في طريقها إلى مقبرة ويسلان، إذ يقول أحد المشيعين،”ونحن في طريقنا إلى مقبرة ويسلان، التي تفصلنا عنها مسافة طويلة بما فيها الخط السككي الواقع فوق قنطرة الوادي، فوجئنا باقتراب القطار القادم من مدينة فاس، ما دفعنا إلى الإسراع بإخلاء السكة، وهنا وقع ما لم يكن في الحسبان، إذ فقد أحد حملة نعش الميت توازنه، ما تسبب في سقوط جثة الأخير من أعلى القنطرة، في مشهد مؤثر ظل عالقا بأذهان الجميع”.

معاناة سكان حي البساتين لا تقف عند هذا الحد، بل تتعداه إلى إقدام البعض، في محاولة منهم إلى تجنب عناء الذهاب إلى مقبرتي سيدي مسعود بحي برج مولاي عمر وجماعة ويسلان، على دفن موتاهم داخل قبور لم تستوف بعد المدة الزمنية المحددة لاحتضان موتى آخرين(وهي أربعة عقود حسب ما يتداول). وهنا تطفو على السطح معاناة من نوع آخر، من خلال التجرؤ على نبش القبور وإتلاف رفات أصحابها بهدف دفن ميت جديد، الشيء الذي يخلف تذمرا و حزنا عميقين لدى الأسر المتضررة، كما هو الحال بالنسبة إلى سيدة قدمت للترحم على ابنها، لتفاجأ بطمس معالم قبره، ما جعلها تحتج بقوة. وتوجسا من تكرار السيناريو نفسه، سارعت بعض العائلات إلى وضع سياجات حديدية حول قبور موتاها.

وارتباطا بالموضوع، بادر عدد من ممثلي الجمعيات ومعهم مستشارون جماعيون إلى عقد لقاءات مع والي الجهة الأسبق، محمد فوزي، تمخض عن أحدها تكليف أحد الفاعلين الجمعويين بالحي المذكور، بالبحث عن بقعة أرضية بهدف استغلالها مقبرة بديلة، الأمر الذي تجسد على أرض الواقع، بعد الاهتداء، وبشق الأنفس، إلى ملك مساحته 18 هكتارا، ذي الرسم العقاري عدد “K/10104″، الكائن بمكناس”عين السلوكي”، كما هو مثبت بشهادة الملكية المقدمة من طرف مصلحة المحافظة العقارية لمكناس المنزه، تتوفر “جريدة العاصمة”على نسخة منها. في حين أسفر لقاء آخر عن تعيين مهندس تابع للولاية أنيطت به مهمة الوقوف على هذه البقعة ومعاينتها، في انتظار القيام بالإجراءات اللازمة.

وبهذا الخصوص، أكد بعض ساكنة حي البساتين الحاجة الملحة إلى مقبرة جديدة، مبرزين أن إحداثها يعد من أولويات المطالب الإنسانية للتجمع السكني سالف الذكر، والذي يشكو خصاصا كبيرا على مستوى العديد من المرافق الضرورية، على حد تعبير أحدهم، الذي أوضح أنه سبق للسكان الإمضاء على عريضة تحمل أكثر من 5000 توقيعا، أثاروا من خلالها هذا المشكل، لكن بدون جدوى. وتساءل المتحدث ذاته، عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء فشل السلطات المحلية في انتزاع جزء من الأراضي التابعة للوكالة السكنية والتجهيزات العسكرية واستغلاله مقبرة.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق