جريدة العاصمة
في جلسة عمومية حاسمة خُصصت للمناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية لعام 2026، شن محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، هجوماً سياسياً مضاداً دفاعاً عن حصيلة الحكومة الحالية، وأشاد شوكي بتوجهات المشروع المالي الجديد وبواقعية التعديلات التي قدمتها الأغلبية، في مقابل انتقاد لاذع لنهج المعارضة، محملاً إياها مسؤولية تراكم الأزمات السابقة بعبارة مدوية سماعا داء العطب قديم.
ودعا شوكي، خلال كلمته اليوم الخميس، جميع الفرقاء السياسيين إلى الانخراط في تأسيس مناخ سياسي جديد قادر على استثمار الزخم الإيجابي غير المسبوق الذي خلفه الإنجاز الدبلوماسي المرتبط بالقرار الأممي الأخير في 31 أكتوبر 2025، واعتبر أن المرحلة تستدعي تعزيز التلاحم الوطني عبر ثقافة الاختلاف البناء، محذراً بشدة من خطر العدمية التي وصفها بأنها أخطر ما يمكن أن يصيب الحياة السياسية، كونها تُطفئ الأمل وتزرع الشك وتساهم في الهدم بدل البناء.
وأكد رئيس فريق الأحرار بمجلس النواب أن الحكومة تواصل جهودها في مسارين متكاملين: الأول هو تنفيذ التوجيهات الملكية المتعلقة بالنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، والثاني هو تنزيل التزامات برنامجها الحكومي في سياق دولي ووطني استثنائي اتسم بتداعيات الجائحة وأزمة الطاقة العالمية.
وشدد شوكي على نجاح الحكومة في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني عبر سياسات رشيدة، مما عزز موقع المغرب كوجهة استثمارية أفريقية بارزة، واستعرض أبرز المنجزات المتحققة في قطاعات حيوية مثل التحول الصناعي (صناعة السيارات والطائرات) وتطوير البنية التحتية (شبكة الطرق السريعة والقطار فائق السرعة والموانئ).
وفي سياق هجومه على المعارضة، أشار شوكي إلى أن البوصلة السياسية الحالية كانت غائبة أو مُغيَّبة عن جهل أو عن سبق إصرار خلال فترات سابقة، ما ساهم في تعطيل الزمن التنموي، كما هنأ الأغلبية على صلابتها وتماسكها في مواجهة محاولات التشويش أثناء مناقشة مشروع القانون، موضحاً أنه (من أراد أن يلقننا دروساً في السياسة… نذكّره ببساطة أن داء العطب قديم).
و عبر شوكي عن استغرابه من أجندة المعارضة المتعلقة بمشروع قانون المالية لـ 2026، حيث قدمت 325 تعديلاً، جزء كبير منها يزيد من العبئ الضريبي على المواطنين والمقاولات، وجزء آخر يرفع من النفقات دون اقتراح بدائل واقعية.
واستنكر ازدواجية الخطاب، مشيراً إلى أن المعارضة تنتقد كل شيء ولا تقترح شيئاً، فهي تطالب بخفض الضرائب وترفض توسيع الوعاء، وتطالب بالرفع من الأجور وترفض التحكم في النفقات، وختم شوكي هذا الجزء بمقولة بليغة (السياسة ليست عدّاً للأوراق… بل هي فنُّ الاختيار بين الممكن والمفيد، والدولةُ لا تُبنى بوفرة التعديلات، بل بقوّة الرؤية).
في ختام كلمته، أكد شوكي أن الحكومة ترحب بالنقد المسؤول الهادف إلى التصويب، رافضاً نهج العدمية الذي وصفه بأنه شك مريض يشلّ الإرادة ويحوّل السياسة إلى صراخٍ بلا معنى، وحذر من أن المعارضة التي ترفض أن ترى الواقع، وتصرّ على اختزال كل جهد في فشلٍ مزعوم، لا تمارس السياسة، بل تمارس العبث، مذكّراً بأنه من السهل أن تهدم، ومن الأصعب أن تعمل.

