جريدة العاصمة
مع بدء العد التنازلي للانتخابات التشريعية المرتقبة في 2026، تشتد حمى التنافس بين الفرقاء السياسيين، مؤذنة ببدء حرب ضروس تهدف إلى السيطرة على رئاسة حكومة المونديال، ويُتوقع أن تكون المجالس المنتخبة ببلدياتها وجماعاتها القروية هي ساحة المعركة الرئيسية عبر توظيف سلاح التسريبات والتسريبات المضادة.
وبرزت إرهاصات هذه المواجهة مبكراً عبر تواتر الحديث عن صفقات وخروقات يُرجح أنها شابت تدبير عدد من المجالس الترابية، في مؤشر واضح على اشتعال نار الخلاف بين الأطراف السياسية. كل طرف يسعى بجد لكشف أي شائبة قد تضر بالطرف الآخر وحزبه، في معركة يباح فيها استخدام مختلف الأساليب، المشروعة وغير المشروعة.
وفي تحليل أكاديمي للمشهد، يرى عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري وفق ما أوردته جريدة هيسبريس، أن النظام الانتخابي على مستوى الجماعات الترابية يفرز غالبًا تحالفات هشة ومتعددة الأحزاب، سرعان ما تنفجر عند أول خلاف بين مكوناتها.
وحذر اليونسي من أن هذه الصراعات تكون على حساب الساكنة المحلية، وتؤدي إلى تعطيل الميزانية وبرمجة الفائض ورفض التصويت على مقررات مهمة. ويعتبر أن المؤامرات وعرقلة عمل المجالس -إذا لم يكن لها مبرر المصلحة العامة- هي “جريمة ترتكب في حق التنمية المحلية وفي حق الساكنة”.
كما يربط الأستاذ الجامعي هذه الظواهر بعوامل ذاتية، أبرزها بروفايلات المنتخبين غير الجديرة بمسؤولية تدبير الشأن العام المحلي، سواء من حيث الكفاءة أو أخلاق الممارسة السياسية، ما يفسر كثرة الصراعات المؤسفة والمنفرة للناس.
من جهته، يشخص المحلل السياسي الأكاديمي، عبد الله أبو عوض، الوضع بالقول إنه لا يمكن التعميم، لكن بعض المنتخبين ليس لهم من العمل السياسي سوى تأثيث المشهد ومحاولة استفراغ ضعفهم وفشلهم في تتبع مسار الآخرين.
ويطرح أبو عوض سؤالاً عريضاً حول مدى استجابة الأحزاب للتوجيهات الملكية المتعلقة بتخليق العمل والممارسة السياسية. ويُعرب عن أسفه للممارسات الكيدية عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تشوه صورة الوطن خارجياً.
ودعى المحلل السياسي الأحزاب إلى تحمل المسؤولية للخروج من نفق الحسابات إلى فضاء المواطنة، والمطالبة بـطرد كل مدعي السياسة من العمل السياسي، وأوضح أن الصراع الانتخابي الحقيقي للسياسي الذي يحترم الوطن والشعب هو تقديم آليات للحوار، وبرامج عملية، ورقابة تنموية، وليس الترويج للذات بالبهرجة واستغلال المناسبات.
وأكد الخبراء على ضرورة العمل على واجهتين للخروج من المأزق التدبيري بإصلاح النظام القانوني المنظم للانتخابات، و تحمل الأحزاب والدولة مسؤولية قطع الطريق على بروفايلات تُنتج مثل هذه المسلكيات.
واختتم أبو عوض بالتأكيد على أن انتخابات 2026 يجب أن تشكل محطة مساءلة ملكية ووطنية للأحزاب حول آليات اختيار منتخب يستجيب للتوجيهات الملكية وتطلعات الشعب.

