جريدة العاصمة
سيفتتح الملك محمد السادس، اليوم الجمعة، الدورة الخريفية الأخيرة للبرلمان المغربي في ولايته الحالية، وهي الدورة التي تأتي وسط سياق متوتر يهيمن عليه ملف المتابعات والإدانات القضائية غير المسبوقة التي طالت عدداً من نواب الأمة بتهم فساد مختلفة. هذه التطورات غير المعهودة عززت التصورات السلبية لدى شريحة واسعة من المواطنين تجاه المؤسسة التشريعية. ويرى مراقبون أن الولاية الحالية تسجّل إحدى أسوأ التجارب البرلمانية في تاريخ المملكة، محذّرين من أن استمرار هذه الظواهر قد يدقّ مسمار انعدام الثقة الأخير في جسد البرلمان المغربي.
وتُظهر الأرقام حجم الأزمة، حيث فُقد 63 نائباً برلمانياً مقاعدهم في الغرفة الأولى بقرارات من المحكمة الدستورية منذ بداية الولاية، وهو رقم غير مسبوق. الصادم أن 47% من هذه القرارات تعود إلى التورط في قضايا فساد مالي وإداري وانتخابي، ليبلغ عدد المجرّدين بقرارات من المحكمة الدستورية على خلفية الفساد وخرق القانون 29 نائباً. كما شملت المتابعات القضائية، حتى الآن، إيداع 11 نائباً السجن من أصل 395 نائباً انتُخبوا لتمثيل الأمة، إضافة إلى وجود 24 نائباً آخرين ينتظرون المحاكمة أو استئناف الأحكام. في المقابل، اعتبر الوزير مصطفى بايتاس، المكلّف بالعلاقات مع البرلمان، أن هذه المتابعات تمثل “مدخلاً جيداً لمحاربة الفساد”، مشيراً إلى أن “أكبر عدد من المحاكمات وقع في ظل الحكومة الحالية”.
ويُسلّط هذا المشهد القاتم الضوء على أزمة حقيقية داخل المؤسسة التشريعية، حيث يلجأ بعض النواب المدانين إلى تأخير مسطرة التقاضي تفادياً لتجريدهم من مقاعدهم، مما يعكس صراعاً محتدماً بين التطهير الدستوري والقضائي ومحاولات التشبث بالحصانة. وفي الوقت الذي فقد فيه نواب عضويتهم بسبب الفساد أو التنافي أو الوفاة أو الاستقالة، تتجه الأنظار إلى هذه الدورة الأخيرة لمعرفة ما إذا كانت ستشهد حراكاً تشريعياً يساهم في ترميم صورة البرلمان، أو ستكون مجرد ختام درامي لولاية مطبوعة بـ “عاصفة” الفساد وتراجع منسوب الثقة الشعبية.