جريدة العاصمة
كشفت معطيات بجريدة “الأخبار” فضيحة من العيار الثقيل في مسار النائب البرلماني عن دائرة بولمان ورئيس فريق حزب التقدم والاشتراكية، رشيد حموني، الذي لطالما نصب نفسه ضمير المعارضة والحارس الأخلاقي لشعارات الشفافية والنزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة في قبة البرلمان، ففي الوقت الذي لا يفوت فيه حموني فرصة لمهاجمة الحكومة بهذه الشعارات، تشير تقارير صحافية موثقة إلى تورطه في ما يبدو أنه تضارب مصالح ممنهج داخل القطاع الصحي العمومي.
فالوقائع التي أوردتها الصحافي رشيد نيني في عموده “شوف تشوف” بجريدة “الأخبار” تكشف أن المستشفى الإقليمي بميسور، الذي تُديره شقيقته (ف .ح)، تحوّل إلى مركز ثقل اقتصادي تهيمن عليه شركات ذات ارتباطات عائلية مباشرة بآل حموني، فالبرلماني الذي يرفع لواء محاربة الفساد السياسي، يجد نفسه اليوم في موقف محرج؛ حيث تظهر وثائق رسمية خاصة بـ سندات الطلب للعامين 2024 و2025 استفادة مجموعة محددة من الشركات العائلية من أغلب الصفقات العمومية للمستشفى.
ومن بين هذه الشركات، تبرز MULTI-FOURNI-PRO-INFO وMOBILE CLEAN FOURNI، وكلاهما تحت إدارة شقيقته (ف.ح)، المدير الحالي للمستشفى. كما استفادت شركة NIRAMAR، التي يسيرها شقيقه الآخر (أ .ح)، من صفقات داخل المرفق الصحي نفسه، علمًا أن البرلماني رشيد حموني وشقيقته كانا شريكين سابقين في رأسمال هذه الشركة.
لا يقتصر الأمر على الأشقاء فقط، بل يمتد إلى شبكة أوسع، حيث تُظهر المعطيات أن شركتي ROMISSTRAF وKAMOTRAV، اللتين يديرهما (إ. ك)، زوج أخت “حموني”، كانتا أيضًا من المستفيدين المتكررين من صفقات داخل المؤسسة الصحية ذاتها، هذه المعطيات ترسم صورة واضحة لشبكة اقتصادية عائلية متكاملة تحكم السيطرة على أهم المنافذ المالية داخل مؤسسة صحية عمومية تُدار بتمويل من ميزانية الدولة.
وتضع هذه الكشوفات رشيد حموني في مفارقة سياسية وأخلاقية صارخة، فكيف لمن يطالب الحكومة بالشفافية ومحاربة الفساد أن يُغض الطرف، بل ويستفيد، من تضارب مصالح عائلي بهذا الحجم داخل مرفق حيوي كالصحة؟ فالشارع السياسي لا يرى في القضية مجرد تضارب مصالح، بل يصفها بـ الانفصام السياسي الذي يمزق مصداقية جزء من النخبة الحزبية و الخطابات الرنانة ضد الفساد تُلقى من فوق المنابر، وممارسات مشبوهة تُدار في الكواليس لخدمة المصالح الخاصة.
اليوم، يواجه رشيد حموني اختبارًا حقيقيًا أمام الرأي العام الوطني وليس في قاعة البرلمان. فصمته الحالي، في نظر الكثيرين، لن يكون مقبولًا. فمن رفع سيف “النزاهة” على الآخرين، هو المطالب اليوم بـ توضيح الحقائق بشفافية تامة، وإلا تحمل مسؤولية السقوط المدوي لآخر ما تبقى من رصيده ومصداقيته السياسية.