جريدة العاصمة
لليوم الثاني على التوالي، رسخت مدينة فاس مكانتها كنموذج للتحضر في التعامل مع الاحتجاجات الاجتماعية التي تشهدها المملكة و التي تسمى اعلاميا بشباب جيل Z، وتصدرت المدينة المشهد بمسيرات اتسمت بسلمية تامة ووعي لافت للمحتجين، حيث لم تسجل أي أعمال عنف أو تخريب، مؤكدة على قدرة الشباب على التعبير عن مطالبهم ضمن إطار مدني مسؤول، هذا الالتزام من الشارع أرسى الأساس لتجربة احتجاجية مغايرة تُعلي من قيمة النظام العام والاحترام المتبادل.
اللافت والمثير في اليوم الثاني كان المشهد الإنساني الرفيع الذي سُجّل في الميدان بتبادل قارورات المياه بين رجال الأمن والمحتجين، هذا التفاعل الرمزي يتجاوز كونه لفتة عابرة، ليصبح مؤشرًا واضحًا على تفهم مشترك للوضع الراهن الذي يتطلب حكمة وروية من كافة الأطراف، كما يجسد إدراكًا عميقًا بأن معالجة الأوضاع الاجتماعية تتطلب بناء جسور الثقة وليس الجدران.
و عزز هذا الأداء المتميز و المواكبة الأمنية الراقية للأجهزة الأمنية بفاس التي أظهرت مستويات عالية من الكفاءة والمسؤولية في تأمين المسيرات دون احتكاك أو توتر أو استفزاز، الخبرة والاحترافية التي تحلت بها العناصر الأمنية في إدارة هذا الإحتجاج وضمان حقوق التعبير دون المساس بالنظام العام، لعبت دورًا كبيرا في نجاح هذا الحراك السلمي، ويُظهر هذا التنسيق الناجح و الحفاظ على هيبة المؤسسة الأمنية أن الاحتكام إلى الحكمة والمسؤولية المشتركة هو المخرج الوحيد للحفاظ على السلم الاجتماعي واستقرار المدينة.

