من الفيسبوك إلى الواقع.. كيف أنهى البقالي والجامعي عقد النقل الحضري بفاس

افتتاحية جريدة العاصمة:  طاليس الحسوني 

 

هل يمكن اعتبار فسخ العقد مع الشركة السابقة المفوض لها تدبير النقل الحضري بفاس مجرد إجراء عابر؟ الجواب لا، فالأمر استغرق أربع سنوات وكان معركة قانونية وإدارية معقدة، لا كما يحاول البعض تبسيطه أو تصويره على أنه مجرد تدوينات فايسبوكية أو شعارات نضالية من قبيل “نحن ضد الطوبيس”.

 

Ad image

المكتب الجماعي الحالي برئاسة عمدة فاس دخل هذه المعركة لإنقاذ العاصمة العلمية من واحدة من أكبر الأزمات، بعدما فشل المجلس السابق برئاسة الأزمي في إيجاد أي حل غير الاكتفاء بالمراقبة في صمت، وهو ما عكس غياب الجرأة في اتخاذ القرار.

 

القرار الذي اتخذه العمدة البقالي، بدعم من الوالي السابق معاذ الجامعي، كان شجاعا، إذ مضيا في خيار الفسخ رغم المخاطر الكبيرة التي كانت تهدد ميزانية المجلس بسبب ما يمكن أن يترتب عن أحكام قضائية ضد الجماعة.

 

وللتوضيح، فإن مجلس البقالي ناقش الموضوع بعقلية قانونية دقيقة، حيث استوفى جميع المساطر الضرورية: من توجيه الإنذارات إلى متابعة الأحكام وتنفيذها في وقتها المناسب، حتى لا تكون العواقب وخيمة على المجلس، وفي لحظة الحسم، وقف الوالي الجامعي إلى جانب القرار، الذي يعتبر من أبرز حسنات الرجل في فترة شغل منصب والي على الجهة، وبدأ بتنفيذ أول إجراء عبر الحجز على الشركة، ثم استكمال باقي الخطوات القانونية إلى أن تم الفسخ فعليا. بعد ذلك، تم جلب شركة جديدة لتدبير المرحلة، مع بذل مجهود لإقناع وزارة الداخلية بالتأشير على المشروع، وهو ما تحقق في النهاية.

 

اليوم، وبعد طي هذه الصفحة الثقيلة، يمكن القول إن واحدة من أكبر المشاكل التي عانت منها فاس قد حلت. نعم، لعمدة فاس سلبياته، لكن لا يمكن إنكار أن مسار الفسخ والجرأة في اتخاذ القرار تُحسب له ولمن دعمه. والعدل يقتضي أن يعطى لكل ذي حق حقه، كما قال الله تعالى: “ولا تبخسوا الناس أشياءهم”.

 

Ad image

صحيح أن 40 حافلة جديدة انطلقت، لكنها لا تكفي، وعلى جماعة فاس أن تسرع لتوفير ما لا يقل عن 200 حافلة إضافية، وهو الأمر لن يتحقق إلى بوقوف وزارة الداخلية على الأمر وإنهاء جماعة فاس لكافة المساطر القانونية، وإطلاق جميع الخطوط حتى تستعيد المدينة حيويتها في التنقل بعدما اعتاد المواطنون على غياب الطوبيس واعتبروه شبه منعدم.

 

ولعل من الطرائف التي تظهر تعطش الساكنة لهذه الخدمة، أنه وبينما كنت في قلب المدينة، اقترب مني أحد المواطنين وسألني: هل هذه الحافلات من حقي أن أستعملها أم أنها خاصة بكأس إفريقيا؟ فأجبته مطمئنا: هذه حافلات لكل المواطنين، وما هو قادم أكثر، حتى تعود الحافلات لتجوب كل شوارع المدينة.

 

 

شارك المقال :
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *