جريدة العاصمة
صادق المجلس الحكومي، اليوم الخميس، على مشروع قانون جديد يعيد تنظيم المجلس الوطني للصحافة، في خطوة تهدف إلى تحديث وتطوير المشهد الإعلامي بالمغرب. المشروع، الذي قدمه وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، يسعى إلى ترسيخ استقلالية المجلس وتعزيز صلاحياته، مع إدخال تعديلات جوهرية تعالج التحديات التي واجهت عمله في الفترة الماضية.
يهدف المشروع الجديد إلى الحفاظ على المكتسبات التي أقرها القانون رقم 90.13، مع التأكيد على الطبيعة المهنية والمستقلة للمجلس. وسيواصل المجلس ممارسة سلطته التنظيمية الذاتية على قطاع الصحافة والنشر، وهي صلاحية أساسية لضمان ضبط المهنة وتطويرها.
ومن أبرز التعديلات التي جاء بها المشروع توسيع نطاق اختصاصات المجلس، حيث سيُناط به إحداث ومسك سجلين خاصين: أحدهما للصحافيين المهنيين الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية، والآخر للناشرين، وتعتبر هذه السجلات آلية تنظيمية حيوية لضبط القطاع وتحديث البيانات المتعلقة به، مما يسهم في تنظيم أفضل للعمل الصحفي.
لتعزيز الشفافية والمساءلة، نص المشروع على تقنين آجال إبداء المجلس رأيه حول مشاريع القوانين والمراسيم المعروضة عليه، مع إمكانية تقليص هذه الآجال في الحالات المستعجلة بقرار من الحكومة. كما يلزم المشروع المجلس بنشر ميثاق أخلاقيات المهنة والأنظمة التي يضعها في الجريدة الرسمية، وهو تطور يرسخ مبدأ العلنية والشفافية في ممارسة مهامه.
ويشهد هيكل المجلس تغييرات مهمة، حيث يمكن أن يتكون من 17 عضواً موزعين على ثلاث فئات: سبعة أعضاء يمثلون الصحافيين المهنيين ينتخبون بالاقتراع المباشر، وسبعة أعضاء يمثلون الناشرين ينتخبون من قبل المنظمات الأكثر تمثيلية، وثلاثة أعضاء يتم تعيينهم من قبل مؤسسات وطنية دستورية مستقلة، مع مراعاة مؤسسات الحكامة.
ويولي المشروع أهمية خاصة لتمثيلية المرأة، حيث خصص ثلاثة مقاعد على الأقل للصحافيات المهنيات ضمن فئة الصحافيين المهنيين، كما نص على تقديم لوائح ترشيح ثنائية الجنس، في خطوة تهدف إلى ترسيخ التمييز الإيجابي وضمان المناصفة داخل تركيبة المجلس.
ولمعالجة الإكراهات التي برزت على مستوى الممارسة، خاصة فيما يتعلق بتجديد هياكل المجلس، جاء المشروع بمجموعة من المستجدات. فقد نص على إحداث آلية قانونية واضحة لتنظيم انتخاب ممثلي الصحافيين المهنيين، مع تخفيض شرط الأقدمية للترشح إلى 10 سنوات بدلاً من 15 سنة. كما أحدث آلية مفصلة لانتخاب باقي الأعضاء بالمجلس، تركز على معايير موضوعية مثل عدد المستخدمين المصرح بهم وعدد المعاملات السنوية، لضمان تمثيلية عادلة تعكس البنية الاقتصادية والإدارية للمؤسسات الصحافية.
كما تضمنت المستجدات إحداث “هيئة إشراف” لتنظيم العمليات الانتخابية وضمان نزاهتها، بالإضافة إلى تدقيق شروط الترشيح والتصويت للصحافيين المهنيين وربط الأهلية بالممارسة المهنية الفعلية.
ومن أبرز الإضافات، تنظيم مسطرة لمعالجة حالات تعذر تجديد هياكل المجلس، حيث نص المشروع على إمكانية إحداث لجان خاصة مؤقتة تتولى تسيير شؤون المجلس بصفة انتقالية وتشرف على تشكيل مجلس جديد خلال 120 يوماً. هذه الآلية تضمن استمرارية عمل المؤسسة وتجنب تعطيل مهامها في أي ظرف كان.