حرب إيران وإسرائيل تهدد الاقتصاد العالمي والمغرب في مرمى العاصفة النفطية

جريدة العاصمة

دخل الصراع المتصاعد بين إسرائيل وإيران مرحلة التصعيد العسكري، ليعيد شبح ارتفاع أسعار النفط يخيّم على الاقتصاد العالمي، وينذر بتداعيات كارثية خاصة على الدول المستوردة للطاقة مثل المغرب. هذا التصعيد الجديد يهدد بتعميق الأزمة الاقتصادية التي لم تتعافَ بعد من صدمات سابقة.

 

فجر الجمعة الماضية، وبعد الهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران، شهدت أسعار النفط ارتفاعًا فوريًا بنحو 7 بالمائة. ووفقًا لبيانات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، تنتج إيران ما يقارب 3.3 ملايين برميل يوميًا، وتصدر نحو مليوني برميل من الخام والوقود يوميًا، ما يجعل أي اضطراب في إنتاجها يؤثر بشكل مباشر على الأسواق العالمية.

Ad image

هذا الارتفاع المفاجئ يعيد إلى الأذهان الصدمة النفطية التي اجتاحت الاقتصاد العالمي في فبراير 2022، إثر اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، حين تجاوز سعر البرميل 120 دولارًا، مما دفع العالم إلى دوامة تضخمية حادة وعمّق هشاشة اقتصادات الدول النامية، ومن بينها المغرب.

وفي هذا الصدد، يوضح الخبير الاقتصادي، إدريس الفينة، الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، أن “الارتفاع الحالي، ورغم كونه أقل حدة من ذروة الأزمة الأوكرانية، إلا أن تداخله مع سياق دولي يتسم بارتفاع التضخم والتباطؤ الاقتصادي، يجعله أخطر مما يبدو عليه رقميًا”. ويضيف الفينة أن أسواق الطاقة لم تتعافَ بالكامل من الصدمة السابقة، وما زالت سلاسل التوريد مضطربة، مما يجعل أي اضطراب جديد في الإمدادات النفطية “تهديدًا مباشرًا للتوازنات الاقتصادية العالمية”.

 

لم يسلم الاقتصاد المغربي من تداعيات الأزمات العالمية السابقة، فخلال الأزمة الأوكرانية، تأثر بارتفاع أسعار البترول والقمح والأسمدة، مما أدى إلى تضخم استثنائي بلغ 6.6 بالمائة في 2022، وارتفاع غير مسبوق في كلفة صندوق المقاصة. ورغم تحسن المؤشرات خلال عام 2024، فإن الصدمة الجديدة قد تعيد الوضع إلى نقطة الخطر.

يرى رئيس المركز المستقل للتحليلات الاستراتيجية أن “مع سعر 73 دولارًا للبرميل، يُتوقع أن ترتفع كلفة واردات الطاقة بنسبة 20 بالمائة على الأقل مقارنة بالتوقعات المعتمدة في قانون المالية”. وإذا استمر التصعيد العسكري في الشرق الأوسط، فإن هذا الرقم مرشح للارتفاع، مما سيزيد الضغط على الميزانية العامة للدولة. سيضع هذا الحكومة أمام خيارين صعبين: إما تقليص النفقات العامة، أو توسيع عجز الميزانية، وكلاهما يهدد بإضعاف النمو الاقتصادي المرتقب هذا العام.

ومن التداعيات المتوقعة أيضًا عودة موجة التضخم. فمع ارتباط أسعار النقل والإنتاج الطاقي بالنفط، “فإن كل زيادة في أسعار النفط تُترجم سريعًا إلى موجة تضخم داخلي”، يوضح الفينة. وإذا أُضيف إلى ذلك أثر تقلبات الأسواق الدولية على أسعار المواد الأساسية، فإن الأسر المغربية ستواجه ضغطًا مضاعفًا: ارتفاعًا مباشرًا في فواتير الطاقة (مثل غاز البوتان والكهرباء)، وارتفاعًا غير مباشر في أسعار معظم السلع والخدمات.

 

على مستوى الإنتاج، يؤكد الفينة أن القطاعات الأكثر حساسية لتكلفة الطاقة، مثل النقل والفلاحة المسقية والصناعة التحويلية، ستكون الأكثر تضررًا. هذا الوضع قد يحد من تنافسية العرض المغربي، خاصة في مجال التصدير، مما يفرض ضغطًا إضافيًا على الميزان التجاري وميزان الأداءات.

Ad image
شارك المقال :
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *