جريدة العاصمة
مع حلول صيف هذا العام 2025، تتصاعد التحذيرات من أزمة عطش وشيكة تلوح في الأفق بالمنطقة، مع مؤشرات مقلقة بدأت تظهر بوضوح، فبالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة غير المعتاد، بدأت حوادث لدغات الزواحف السامة تتزايد، مسجلة أربع وفيات حتى الآن، لكن المؤشر الأكثر إثارة للقلق هو الانقطاعات المتكررة للمياه في مناطق عدة، بما في ذلك دوار القصبة ورباط الخير وعزابة، حتى في ليلة عيد الأضحى، هذه الأزمة المتفاقمة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة لتراكمات بدأت ملامحها بالظهور منذ عام 2015 في مناطق مثل أمغيلة وتازروت، حيث تم التعامل معها بسياسة “ربح الوقت” بدلاً من الحلول الجذرية.
و على الرغم من الثراء المائي الذي تتمتع به المنطقة، تظل أزمة العطش قائمة، مما يثير تساؤلات حول فعالية السياسات العمومية، فالمنطقة تزخر بموارد مائية متعددة كعيون سبو وتمدرين ووامندر، وتحتضن أهم وادي في المغرب (وادي سبو) وأكبر أحواضه (حوض سبو) الذي أنقذ مدنًا كبرى من العطش الصيف الماضي، كما يحيط بالمنطقة ثلاثة سدود (علال الفاسي، آيت أيوب، سد أمداز، وسد رباط الخير قيد الإنجاز)، وتخترقها قناة هيدروفلاحية ضخمة لنقل المياه من سد أمداز إلى سهل فاس سايس. والأدهى من ذلك أن قمم بويبلان الثلجية تغذي الفرشة المائية للمنطقة، ومع ذلك، يتم تحويل مياه المنطقة إلى مناطق أخرى، بينما يعاني سكان المنطقة من ندرة المياه الصالحة للشرب، وتغيب المسابح العمومية، وتحرم مناطق مثل غمرة من الاستفادة من مياه السدود في السقي.
إن أزمة العطش الراهنة ليست مجرد مشكلة تدبيرية، بل هي صخرة كاشفة لفشل السياسات العمومية واتخاذ القرار، إنها تضع المسؤولين أمام مسؤولياتهم وتؤكد غياب رؤية استراتيجية لمعالجة هذه القضية الحيوية، فالمنطقة التي يمكنها أن تجد الماء أينما حفرت، تعاني من سوء توزيع وانتقائية في السياسات المائية التي تبدو وكأنها تخدم شرائح معينة دون الأخذ بمنطق “التوزيع العادل للماء”، هذا الوضع يتطلب وقفة جادة ومراجعة شاملة للسياسات المائية لضمان حق الجميع في هذه المادة الحيوية.

