عشرون سنة لقاتل بائع أسماك بمكناس..المحكمة قضت بأدائه لفائدة كل واحد من والدي الضحية تعويضا مدنيا قدره 60 ألف درهم
تم النشر بتاريخ 4 فبراير 2025 على الساعة 13:03
جريدة العاصمة / خليل المنوني
أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمكناس، بعد المداولة في آخر جلسة أمس الإثنين، قرارها الابتدائي في ملف توبع فيه شاب، من مواليد 31 يوليوز 1994 بالخميسات، من أجل جناية الضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح الأبيض، المفضيين إلى الموت دون نية إحداثه، إذ عاقبته بعشرين سنة سجنا نافذا، بعدما ارتأت، وهي تختلي للمداولة في آخر الجلسة، تمتيعه بظروف التخفيف، مراعاة لحالته العائلية والاجتماعية ولانعدام سوابقه القضائية.
وفي الدعوى المدنية التابعة، قضت الغرفة، برئاسة المستشار سعد الرحماني، بأداء المتهم المدان لفائدة كل واحد من المطالبين بالحق المدني، في شخص والدي الضحية الهالك، تعويضا مدنيا قدره 60 ألف درهم. وبعد النطق بالحكم أشعره رئيس الغرفة بأن أمامه عشرة أيام كاملة للطعن باستئناف القرار الصادر في حقه.
وخلال جلسة محاكمته بالقاعة رقم 1 باستئنافية مكناس، حضر المتهم الثلاثيني في حالة اعتقال مؤازرا بدفاعه، في إطار المساعدة القضائية، بعدما صرح في جلسة ماضية أن أسرته عاجزة عن تنصيب محام للدفاع عنه في القضية. في الوقت الذي حضر والدا الضحية الهالك، وإلى جانبهما وقف دفاعهما، الذي مد هيأة الغرفة بمذكرة المطالب المدنية في مواجهة المتهم القاتل.
وفي التفاصيل، يستفاد من محضر الضابطة القضائية، المنجز من قبل شرطة مكناس، أن القضية انفجرت في عاشر ماي 2024، عندما أشعرت المصالح الأمنية بالعاصمة الإسماعيلية بنقل شخص، في وضع صحي جد حرج، إلى مستعجلات المركز الاستشفائي الإقليمي محمد الخامس بالمدينة، بعد إصابته بجرح غائر في صدره(جهة القلب). ويتعلق الأمر بالضحية الهالك، المسمى قيد حياته(كمال الغرفي)، الذي لفظ آخر أنفاسه داخل سيارة الإسعاف وهي على بعد مسافة قليلة من المدخل الرئيسي للمستشفى المذكور، متأثرا بالطعنة الغادرة التي تلقاها في عضلة القلب بواسطة آلة حادة، استنادا إلى تقرير التشريح الطبي، الذي خضعت له جثته بمشرحة المستشفى، حيث أكد الطبيب الشرعي أن الوفاة نجمت عن إصابة الضحية بنزيف داخلي حاد في القلب، كان سببا مباشرا في إزهاق روحه.
لم يكن يتوقع الضحية الهالك، البالغ من العمر 29 سنة، وهو بائع جائل للسمك بواسطة عربة مجرورة باليد، أن دقات قلبه ستتوقف عن الخفقان، وبطريقة مأساوية للغاية، وهو يزاول نشاطه الروتيني، المتمثل في الاتجار في الأسماك، طمعا في كسب رزقه وقوت يوم أسرته، المتكونة من أم، في منتصف عقدها السادس، وهي ربة بيت، وأب ستيني عاطل عن العمل، إلى جانب شقيقته التي تتابع دراستها بالسنة الثانية باكالوريا.
ففي صباح يوم الواقعة توجه الضحية، كعادته، إلى سوق بيع الأسماك بالجملة، الواقع بجماعة ويسلان، وهناك اقتنى كمية من أنواع مختلفة من الأسماك، من قبيل(السردين، الشرن، كابايلا، البواجو، البوري…)، وحملها على متن عربته اليدوية المجرورة، قبل أن يعود قافلا إلى الأحياء الشعبية بالمدينة حيث اعتاد بيع سلعته للزبائن، بما أنه يروج الأسماك بالقرب من المنازل.
شرع الضحية الهالك في بيع سلعته داخل دروب وأزقة المدينة العتيقة، وأثناء تواجده بالقرب من منزل المتهم، الكائن بدرب الزموري، أطلق العنان لصوته الجهوري بالقول”الحوت، السردين، البواجو…، وما هي إلا لحظات حتى فتح المتهم شرفة منزل أسرته وأخذ يتلفظ بكلمات نابية في حق البائع، وذلك على مرأى ومسمع من الجيران والمارة، طالبا من الضحية الكف عن الصراخ والابتعاد عن باب مسكنه، إذ خاطبه بالقول” بعد علينا للهيه وغوت راك ما خليتينيش ننعس، ولا غادي نخرج نتفاهم معاك”. اعتقد القتيل أن الأمر لا يعدو أن يكون قلق عابر من الجاني، غير أنه تفاجأ بالأخير يقصده وفي يده سلاح أبيض، عبارة عن سكين من الحجم الصغير، يستعمل في المطبخ، ليضربه بواسطتها بقوة في صدره، تاركا إياه مدرجا في بركة من الدماء، قبل أن يعود إلى المنزل لإكمال نومه وكأن شيئا لم يقع. ساعتها سارع بعض المارة إلى إبلاغ المصالح الأمنية ومعها سيارة الإسعاف، التي لم تتأخر في الوصول إلى مسرح الجريمة، وعملت على نقله على وجه السرعة إلى المستشفى لإسعافه، غير أن يد المنية تخطفته، وهو لم يطفئ