نصف قرن على المسيرة الخضراء.. تنمية شاملة ودينامية اقتصادية واجتماعية بالأقاليم الجنوبية

جريدة العاصمة

تعيش الأقاليم الجنوبية للمملكة على وقع تحولات تنموية غير مسبوقة، في سياق يخلد مرور خمسين عاما على إعلان الملك الراحل الحسن الثاني، عن تنظيم المسيرة الخضراء، التي رسخت سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية وأطلقت دينامية بناء وازنة على كافة المستويات.

 

ومنذ اعتلاء الملك محمد السادس، العرش، دخلت هذه الأقاليم مرحلة جديدة عنوانها الاستثمار في الإنسان والبنية التحتية، وإرساء نموذج تنموي متكامل قائم على النجاعة والعدالة المجالية وخلق فرص الشغل.

Ad image

 

وتعد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أحد أبرز المحركات الفاعلة في هذا المسار، حيث استفادت الجهات الجنوبية الثلاث، على مدى عقدين، من حوالي 9000 مشروع ونشاط يفوق غلافها المالي ملياري درهم.

 

وتركز هذه التدخلات على محاربة الفقر والهشاشة، وضمان الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية، من خلال فتح الطرق والمسالك القروية، وتعميم الماء والكهرباء، وبناء وتجهيز مؤسسات اجتماعية لفائدة المسنين والأشخاص في وضعية إعاقة والنساء في وضعية صعبة، بما يترجم المقاربة الاجتماعية والتنموية للمغرب في هذه الربوع.

 

كما شهد قطاع الصحة تعزيزا في التجهيزات والبنيات، عبر إحداث وحدات طبية للقرب ومراكز خاصة بصحة الأم والطفل، وتوفير سيارات إسعاف وتنظيم حملات طبية وتوعوية لفائدة الساكنة، في حين أولت البرامج التعليمية أهمية لرفع نسب التمدرس بالوسط القروي، عبر بناء وحدات التعليم الأولي، وتطوير دور الطالب والطالبة، وتأمين خدمات النقل المدرسي للحد من الهدر المدرسي وترسيخ تكافؤ الفرص.

 

وفي الشق الاقتصادي، شكل دعم المشاريع المدرة للدخل وتأهيل قدرات الشباب والنساء رافعة مهمة لخلق فرص العمل وتمكين الفئات النشيطة من الاندماج في الدورة الاقتصادية، بالتوازي مع مواكبة التعاونيات وتعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بما أسهم في توسيع قاعدة المبادرات المحلية وتحقيق أثر اجتماعي واقتصادي ملموس.

Ad image

 

وتميز تنزيل هذه المشاريع باعتماد حكامة ترابية متقدمة، تقوم على تشخيص تشاركي واستهداف دقيق للفئات المعنية، وتخطيط متعدد السنوات يراعي الخصوصيات المحلية، إلى جانب هيكلة مؤسساتية لا ممركزة، تضم لجانا جهوية وإقليمية ومحلية، بمشاركة ممثلي الجماعات الترابية والسلطات المحلية والمجتمع المدني، مع حضور وازن للشباب والنساء في مسلسل اتخاذ القرار.

وبفضل هذه الدينامية المتواصلة، رسخت الأقاليم الجنوبية موقعها كنموذج للتنمية المتوازنة والمندمجة، في تجسيد واضح للرؤية الملكية الرامية إلى بناء مغرب الجهات وتعزيز العدالة الترابية، بما يجعل الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء محطة تؤكد من جديد أن استكمال الوحدة الترابية للمملكة يسير جنبا إلى جنب مع تثبيت دعائم تنمية شاملة ومستدامة تخدم الإنسان وتكرس الاستقرار والازدهار بهذه الأقاليم.

شارك المقال :
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *