فاس تتألق في موسم المولى إدريس الأزهر.. احتفاء بالذاكرة الروحية والتراث الأصيل

جريدة العاصمة

شهدت مدينة فاس انطلاق فعاليات موسم المولى إدريس الأزهر لعام 2025، في الفترة الممتدة من 2 إلى 9 أكتوبر، و يُعد هذا الحدث السنوي، الذي يحمل دلالات دينية وثقافية عميقة، نافذة مشرقة على الذاكرة التاريخية للمدينة، حيث يستقطب آلاف الزوار والزائرات من مختلف ربوع المغرب وخارجه.


وتتحول أزقة فاس العتيقة، خلال هذه الأيام، إلى مسرح مفتوح يضج بـالطقوس الفولكلورية الأصيلة، فمن عروض الملحون والطرب الأندلسي إلى حلقات الذكر والمديح الصوفي، يتجلى عمق التراث المغربي وارتباط المدينة بجذورها الروحية. وتُشكل الفرق الشعبية، مثل عيساوة وحمادشة، جزءاً أساسياً من المشهد الاحتفالي، حيث تضفي أهازيجهم الروحانية نغماً خاصاً يجسد مكانة فاس كـعاصمة روحية للمملكة.

 

Ad image

ويتجاوز موسم المولى إدريس الأزهر البعد الاحتفالي البحت ليصبح محركاً حيوياً للنسيج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمدينة، فبالإضافة إلى العروض الفنية والروحية ومحاضرات تسلط الضوء على سيرة المولى إدريس الأزهر ودوره المحوري في تأسيس فاس، ينعش الموسم الحركة التجارية والحرفية، إذ يتوافد التجار والحرفيون لعرض منتوجاتهم التقليدية، ما يخلق حراكاً اقتصادياً ملموساً يمتزج فيه النشاط التجاري بالروحانيات. ويأتي موكب الكسوة السنوي ليتوج هذه الاحتفالات، حيث يمثل الذروة التقليدية للموسم، ويُقام في ختامه يوم الخميس 9 أكتوبر 2025. يعتبر الموكب، الذي تُهدى فيه كسوة جديدة لضريح المؤسس، رمزاً للوفاء والتقدير ومشهداً مهيباً يجمع الشرفاء الأدارسة والطوائف الصوفية وحشود المواطنين، مؤكداً مكانة التراث في الذاكرة الجماعية لأهل فاس.

وفي جوهره، يُعد موسم المولى إدريس الأزهر تجسيداً لـتاريخ فاس العريق وإبرازاً لـأصالة موروثها الثقافي والديني. إنه مناسبة متجددة يبرهن فيها أهل فاس على تشبثهم بتقاليدهم وتجسيدهم لقيم التضامن والوفاء. هذا اللقاء السنوي، الذي يجمع الأبعاد الدينية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، لا يُكرّس فحسب مكانة فاس كعاصمة روحية للمغرب، بل يعمل أيضاً على مد جسور بين الماضي والحاضر، مانحاً المدينة فرصة للتنفس بعبق تاريخها وازدهار موروثها. ويظل المشهد الختامي للموكب، بضجيجه وتجمعاته، رسالة واضحة حول قوة الترابط الاجتماعي ومحورية هذه المناسبة في الحياة المغربية.

شارك المقال :
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *