جريدة العاصمة
كشف التقرير السنوي للاستقرار المالي لسنة 2024، الصادر عن بنك المغرب والهيئات الرقابية المالية، عن أزمة هيكلية عميقة تهدد استدامة أنظمة التقاعد في المملكة. فبالرغم من المحاولات المتكررة لتهدئة الأوضاع عبر إجراءات مؤقتة، مثل الزيادات الأخيرة في الأجور، لا تزال هذه الأنظمة تسجل عجزًا ماليًا متزايدًا، مما يُنذر باقتراب مرحلة حرجة. ويؤكد التقرير أن هذه “المُسكنات” لا تُقدم حلولًا جذرية، بل تُؤجِّل مواجهة المشكلة الحقيقية، والتي تتمثل في غياب إصلاحات شاملة قادرة على إعادة التوازن المالي لهذه الأنظمة الحيوية.
ويُسلط التقرير الضوء على الوضع المتأزم لنظام المعاشات المدنية (CMR-RPC)، الذي يُعاني من نزيف حاد في احتياطاته المالية. فقد شهدت احتياطات هذا النظام تراجعًا ملحوظًا بنسبة 7.1% لتصل إلى 57.4 مليار درهم في نهاية عام 2024. هذا التراجع ليس وليد اللحظة، بل هو استمرار لخمس سنوات من الخسائر المتراكمة التي تجاوزت 60 مليار درهم منذ عام 2014، مما يُؤكد أن النظام يسير بخطى سريعة نحو الانهيار إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة وفعالة.
وأمام هذه التحديات، يوجه التقرير تحذيرًا صريحًا من خطورة التباطؤ أو الاكتفاء بالحلول الترقيعية. ففي ظل تفاقم العجز المالي، باتت الحاجة مُلحة لإصلاح جذري وعميق يُعيد هيكلة منظومة التقاعد بأكملها. ويقترح التقرير التوجه نحو نظام تقاعد ثنائي القطب، يدمج القطاعين العام والخاص، بهدف توزيع المخاطر بشكل أكثر عدالة وضمان استدامة التمويل على المدى الطويل. ويُشدد التقرير على أن الوقت ليس في صالح المغرب، وأن مستقبل المنظومة أصبح مرهونًا بسرعة وفعالية الإصلاحات التي ستُتخذ.

